قوله تعالى: {قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون 50}
  أَعْلَمُ الْغَيبَ» أي لا أدعى درجة فوق ما أنا فيه فلا أعلم الغيب «وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ إِنّي مَلَكٌ» وأستغني عما يحتاج إليه البشر، وقيل: إنما أشاهد من السماوات والأرض ما تشاهدون، عن الأصم، وقيل: ليس لي منزلة الملك «إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ» ربي. فأعمل بحسب الوحي.
  ثم بَيَّنَ أن عارف الحق لا يستوي مع الجاهل، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد «هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ» أي الذي يبصر الأشياء، والذي لا يبصر، وقيل: العالم والجاهل، وقيل: البصير المؤمن، والأعمى الكافر، لا يستوي المؤمن والكافر، وقيل: من يبصر الحق ويتبعه، ومن يعمى عن الحق، ويتبع الباطل، وقيل: من يبصر الثواب والعقاب، ومن لا يبصر «أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ» أي: هلا تتفكرون لتعلموا أن المؤمن والكافر لا يستويان، وقيل: لتعلموا الحق والباطل.
  · الأحكام: تدل الآية على عظيم منزلة الملائكة.
  وتدل أنهم أفضل من الأنبياء؛ لأنه تعالى أمره ألا يدعي منزلة الملك، كما لا يدعي علم الغيب، ولا القدرة على مقدورات القديم سبحانه.
  وتدل على أن ما يعلم بالدليل ليس بغيب، حتى يصح النفي على الإطلاق.
  وتدل على أن الأنبياء لا يعلمون الغيب، فإذا كانوا كذلك فالأئمة أولى، فيبطل قول الإمامية: إن الإمام يعلم الغيب.
  وتدل على وجوب التفكر والنظر في الأدلة.
  وتدل على أنه ليس يغير شيئًا مما أوحي إليه، لذلك كان متَّبِعًا.
  وتدل على أنه لم يدع الربوبية ولا صفة من صفاتها، وإنما هو عبد ورسول؛ لئلا تعتقد أمته فيه ما اعتقدت النصارى في المسيح، فيبطل قول الغلاة من الروافض.