التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين 52 وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين 53}

صفحة 2244 - الجزء 3

  إِلَى رَبِّهِمْ» أي يُجْمَعُوا إلى حكمه وجزائه، وقيل: أراد المؤمنين الَّذِينَ آمنوا بالبعث والقيامة، وخافوا أهواله؛ أي اقصدهم بذلك، عن الحسن وأبي مسلم، يعني. اقصد بموعظتك هؤلاء؟ فهم الَّذِينَ ينتفعون به، وإن كان ينذر غيرهم، وقيل: عنى به الكافرين، ووجهه أنهم شَكُّوا في الحشر، فيخافون إذا خُوّفوا، عن أبي علي، وقيل: هو لمن آمن بالبعث من مؤمن أو كافر، [وخص بالذكر]؛ لأن الحجة له ألزم، عن الزجاج، وأراد بخوف الحشر خوف عقوبات الحشر أن ينزل بهم «لَيْسَ لَهُمْ» أي لهَؤُلَاءِ المنذرين «مِنْ دُونِهِ» أي من دون اللَّه «وَلِيٌّ» قيل: معين، وقيل: قريب يقوم بأمره، ويدْفع العذاب عنه، «وَلَا شَفِيعٌ» أي ليس لهم شفيع يدفع العذاب منهم بشفاعته «لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» أي لكي يتقوا، فإن التقوى تنفعهم، وتدفع العذاب عنهم، وقيل: ليزدادوا تقوى عند تخويفك إياهم.

  · الأحكام: تدل الآية أنه أراد من الجميع التقوى؛ لأن قوله: «لَعَلَّهُمْ» أي لكي يتقوا، ومعناه: أُرِيد منهم التقوى.

  وتدل على أن العذاب لا ينقطع بولي ولا شفيع.

  وتدل على أن الكفار وإن لم يؤمنوا بالبعث فهم غير آمنين، بل خائفون، وهكذا يكون حال الشاك.

  وتدل على أن التقوى فعلهم، خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة.

قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ٥٢ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ٥٣}