التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم 54 وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين 55}

صفحة 2250 - الجزء 3

  «لتستبينَ» بالتاء بالنصب علي الخطاب، وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر «ليستبينُ» بالياء على التذكير «سبيل» بالرفع لإسناد الفعل إليه، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو [وحفص عن] عاصم ويعقوب «ولتستبين» بالتاء على التأنيث «سبيلُ» بالرفع، وأهل الحجاز يؤنِّثون السبيل، وبنو تميم يذكِّرونه، وقد نطق القرآن بهما، فقال سبحانه: {الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا} وقال: {وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا}.

  · اللغة: السلام: أصله السلامة، وهو على أربعة أوجه: أولها: سَلِمْت سلامًا مصدر، والسلام: جمع سلامة، والسلام من أسماء اللَّه تعالى، ومعناه: أَدُّوا السلام، والسَّلامُ: شجر صلب سمي لسلامته على الدهر، واحدتها سَلَمة، وجلد مسلوم: مدبوغ بالسلم، والسِّلم بالكسر: شجرة واحدتها سلامة، والسِّلام بالكسر: الحجارة أيضًا واحدتها سلمة، والسلام أيضًا: المسالمة، والسَّلْم يفتح ويكسر: الصلح يذكر ويؤنث، ودار السلام: الجنة، قيل: دار اللَّه، وقيل: دار السلامة.

  والتفصيل: هو الكشف حتى يظهر الفرق بالأدلة بين المعاني الملتبسة، وأصله: الفصل، فَصَلَهُ يَفْصِلُهُ، وفَصَّلَهُ تَفْصِيلاً، والفواصل: رؤوس الآي، والمفاصل: مفاصل الأعضاء، والفصيل: المنفصل عن أمه، والفيصل: الحاكم؛ لأنه يفصل الأمور، وفي الحديث: «من أنفق نفقة فاصلة فله كذا» تفسيره في الحديث: أنها التي فصلت بين إيمانه وكفره. والفصل والفرق من النظائر.

  والبَيْن: القطع في الأصل، ومنه: «ما أبين من الحي فهو ميت»، وبانَ الشيء انفصل يبين بينونة، وبانَ الشيء اتضح كأنه انقطع عن غيره حتى ظهر، وأبان فهو بين ومبين، والبيان: هو الكشف عن الشيء، ويُقال: بانَ وأستبان، وأبان وبَيَّنَ: ظهر، واستبنت الشيء وتبينته: عرفته.