التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين 56}

صفحة 2255 - الجزء 3

  فعلى إضافة الدعاء إلى (دون) بمعنى ابتداء الغاية، وتحقيقه عبادة غير اللَّه باطلة إلا أنه جعل (دون) على جهة ابتداء الغاية.

  وقوله: «تدعون» فيه محذوف، قيل: تدعونه إلهًا، وقيل: تدعونه في مهمات أموركم على وجه العبادة.

  · النزول: قيل: قال بعضهم: يا محمد اعبد إلهنا، ونعبد إلهك، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية في ذلك، حكاه الأصم.

  · المعنى: ثم أمر تعالى نبيه ÷ أن يظهر البراءة منهم ومما يعبدون، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد «إِنِّي نُهِيتُ» أي زُجِرْتُ ومنعت بالنهي، يعني نهاني ربي، فجاء على ما لم يُسَمَّ فاعله للتفخيم «أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ» يعني نهيت عن عبادة الأوثان التي تعبدونها، وقد بينا ما قيل في (تدعون)، وما فيه من محذوف «قُلْ» يا محمد - «لاَ أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ» قيل: فيه ضمير أي لا أعبدها، ولا أتبع أهواءكم في عبادتها، وقيل: لا أتبع أهواءكم في طرد المؤمنين على ما سألوا «قَدْ ضَلَلْتُ» يعني لو فعلت ذلك واتبعت أهواءكم ضللت «إِذًا» وما كنت «مِنَ الْمُهْتَدِينَ» أي لسلكت طريقًا غير طريق الهدى.

  · الأحكام: تدل الآية على جواز المحاجة في الدين.

  وتدل على أن اتباع الهوى يضل عن المحجة، وأن الواجب اتباع الدليل.

  وتدل على أن اتباع الهوى ضلالة.

  وتدل على أن العبادة واتباع الهوى والضلال فعل العبد؛ لذلك صح الأمر والنهي والمدح والذم، فيبطل قولهم في المخلوق.