قوله تعالى: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين 59}
  هو عام في كل شيء غائب موجود أو معدوم «لاَ يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ» لأن ما يعلمه العباد إما أن يعلم ضرورة أو استدلالاً، والغيب خارج عن الوجهين، «وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ» قيل: البر: القفار، والبحر: كل قرية فيها ماء، عن مجاهد، وقيل: أراد جميع ما في الأرض؛ لأنه لا يخلو من بر وبحر «وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا» قيل: يعلم ما سقط من ورق الأشجار وما بقي، وقيل: يعلم ما يؤكل وما يسقط، عن ابن عباس، وقيل: يعلمكم انقلبت ظهرًا لبطن عند سقوطها، ولا تنافي بينها، فيحمل على الجميع «وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ» قيل: حبة في أسفل الأرضين، وقيل: ما يزرع في الأرض بين أربعة أضداد: الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة فيعلمها ويحفظها وينبت منها، وقيل: جميع ما تحته من الحجارة والتراب وغيره عن الأصم، «وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ» قيل: هذا مثل، وأراد أنه عالم بجميع المعلومات، وقيل: الرطب الماء، واليابس الأرض، عن ابن عباس، وقيل: ما ينبت وما لا ينبت عن عطاء، وقيل: الرطب لسان المؤمن رطب بذكر اللَّه، واليابس لسان الكافر لا يتحرك بذكر اللَّه، وقيل: الأشجار والنبات رطبها ويابسها «إِلَّا فِي كِتَاب مُبِينٍ» قيل: مكتوب في اللوح، مبين: بيِّن، وإنما أثبت مصلحة للملائكة ليستدلوا على توحيده وعدله، ويعلموا عظم شأنه، عن أبي علي، وقيل: ليعلم ابن آدم أن علمه أولى بالإحصاء، عن الحسن، وقيل: ذلك الكتاب مثلٌ، ومعناه معلوم عنده عن الأصم كقولهم: كل ما تقوله عندي مكتوب أي محفوظ، وقيل: هو ما تكتبه الْمَلَائِكَة من الأعمال، عن أبي مسلم، وقيل: لنا في تعريف ذلك مصلحة حيث يعلم أنه أثبته لغرض عظيم.
  · الأحكام: تدل الآية على اختصاصه بعلم الغيب، فيبطل قول الإمامية: إن الإمام يعلم الغيب.