التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين 59}

صفحة 2261 - الجزء 3

  أي دار الخليفة ودار مروان.

  وقيل: تقدير الآية: إلا يعلمها وهو في كتاب.

  · النظم: يقال: كيف اتصال الآية بما قبلها؟

  قلنا: قيل: لما ذكر استعجالهم للعذاب بين أن ذلك ليس إليه، وأنه إلى اللَّه تعالى، وأنه أعلم بالظالمين؛ لأنه العالم بالغيب فيفعل ما هو الأصلح، وما توجبه الحكمة من تعجيل العذاب وتأخيره، عن أبي مسلم.

  وقيل: لما ذكر قوله: {يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيرُ الْفَاصِلِينَ} بين أن عنده مفاتح الغيب، وهو الذي يفتح لعباده ما هم فيه مختلفون بنصب الأدلة والبيان، عن الأصم، وقيل: يتصل بقوله: «أعلم بالظالمين» لأن عنده مفاتح الغيب، ولا يخفى عليه شيء، فيعلم الأسرار.

  · المعنى: «وَعِنْدَهُ» أي عند اللَّه «مَفَاتِحُ الْغَيبِ» فيه قولان:

  قيل: خزائن الغيب، عن الحسن والسدي، وهي المقدورات التي يفتح اللَّه بها لعباده ما في الغيب بذكره والبيان عنه، والدلالة عليه، فيفتح لعباده ما شاء من ذلك، وقيل: عنده ما يفتح للعباد من علم الغيب ما يدلهم أن ما أتى به محمد حق، عن الأصم.

  الثاني: أن عنده علوم الغيب، فيفتحه لعباده، ثم اختلفوا فقيل: مفاتح الغيب خمس هي قوله: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} عن ابن عباس وابن عمر، وروي في حديث مرفوع، وقيل: علم نزول العذاب، عن الضحاك ومقاتل، وقيل: ما غاب من الثواب والعقاب، عن عطاء، وقيل: علم الآجال والأعمار، وقيل: عذاب الساعة عن الحسن، وقيل: هي ما كان لو لم يكن كيف كان يكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، وقيل: بيان ما هم فيه مختلفون فيما تمس الحاجة إليه، وقيل: