التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون 61 ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين 62}

صفحة 2270 - الجزء 3

  يقدر عليه غير اللَّه، والروح هو النَّفَسُ الذي في مخارق الإنسان، فينتزعها الملك بآلة يعطيها اللَّه تعالى إياه.

  وتدل على أنهم مأمورون، ومُعَرَّفُون وقت الموت.

  ومتى قيل: كيف يقع التوفي؟

  قلنا: يزيلون الروح عن أماكنها من البدن، فلا يعيش معها، ويجوز أن ينتقض كثير من الأبنية الباطنة، ثم يخلق اللَّه تعالى الموت كمن يخرجه الواحد منا ثم يخلق اللَّه تعالى الموت، ومن يقول: الموت ليس بمعنى يقول: إنها بطلان ما تحتاج الحياة إليه، وقد قال بعضهم: إنهم يسألون اللَّه تعالى فيقع التوفي، فيضاف ذلك إليهم مجازًا، وليس بصحيح، والوجه ما ذكرناه أولاً.

  ومتى قيل: فما فائدة هذه الواسطة؟

  قلنا: مصلحة لهم لأنه صار من تكليفهم، ولطفًا لنا، وتدل على أن علينا حَفَظَةً تحفظ أعمال بني آدم.

  ومتى قيل: فهل تلحقهم مشقة؟

  قلنا: نعم، ولذلك صار من تكليفهم، ولأنهم مع جلالة حالهم وعظمتهم إذا شاهدوا سوء أفعال الفساق يشق عليهم، وكَتْبُهُ ذلك تكليف لهم ولطْفٌ لنا.

  وتدل على المعاد والبعث، وتدل على أنه يحاسب خلقه، فتدل على أن أفعالهم ليست بخلق اللَّه تعالى حتى يصح الحساب.

  وتدل على أنه لا يتكلم باللسان واللَّهوات؛ ليصح أن يحاسب الجميع في وقت واحد، عن أبي علي.