قوله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون 61 ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين 62}
  لا يقصرون، وقيل: لا يُضيِّعون، عن ابن عباس والسدي، «ثُمَّ رُدُّوا» أي رجعوا إليه، وقيل: ردتهم الملائكة الَّذِينَ توفتهم، وقيل: ردهم اللَّه بالبعث يوم الحشر، واختلفوا في المردود، قيل: الملائكة يعني كما يموت بنو آدم تموت الملائكة، وقيل: هم العباد أي لا يرجعون إلى الدنيا كما يرجعون عند النوم، كما تقدم «إِلَى اللَّهِ» أي حكمه وتدبيره فيهم بحيث لا حكم لأحد، وذلك أنه تعالى ابتدأ بتدبير الخلق والإنشاء وحده، ثم مكنهم من بعض تدابيرهم، ثم ردوا يوم القيامة إلى تدبيره وحده، وقيل: ردوا إلى الموضع الذي لا يحكم، ولا يملك الحكم سواه، فجعل الرد إلى ذلك الموضع ردًّا إليه، عن أبي علي «مَوْلاَهُمُ» قيل: مالكهم وإلههم، وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} أي لا ناصر لهم، وقيل: إنما قال ههنا: «مَوْلاَهُمُ»؛ لأنهم دخلوا في جملة غيرهم مِمَّنْ يُرَدُّ «الْحَقّ» قيل: دائم لا يجوز عليه البطلان، وقيل: معناه ذو الحق أي أفعاله وأقواله حق «أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ» قيل: يوم القيامة فإنه لا حكم هناك لغيره عن أبي علي، وقيل: له الحكم، فإما أن [يحكم هو أو] يَحْكُم غيره بأمره، «وَهُوَ» يعني اللَّه تعالى «أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ» قيل: يضطر الجميع إلى معرفة جزائه، فحساب واحد حساب للجميع، وقيل: يخلق مع كل واحد كلامًا يحاسبه، فلا يشغله حساب أحد عن حساب غيره؛ لأنه لا يتكلم بلسان ولهوات؛ حتى يشغله كلام واحد عن كلام آخر، وقيل: ليس المراد بالحساب الإحصاء، أي بسرعة يحصي جميع ذلك، وهو يرجع إلى قوله: «وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ»، عن الأصم، وقيل: يحاسب جميع خلقه يوم القيامة بقدر حلب شاة، عن أبي علي.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى وَكَّلَ جماعة تقبض أرواح بني آدم فلذلك قال: «رسلنا»، وقد بَيَّنَّا أنهم أعوان ملك الموت يقبضون الأرواح بأمره، فالجميع يضاف إليه، فلا تناقض بين هذه الآية، وبين قوله: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ}.
  وتدل على أن الملائكة يقبضون الأرواح فقط؛ لأن الموت عرض يضاد الحياة لا