التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون 57}

صفحة 397 - الجزء 1

  «وَالسَّلْوَى» قيل: طائر يشبه السماني، عن ابن عباس وأكثر المفسرين، وقيل: طير حمر، عن مقاتل.

  ومتى قيل: كيف أرسل الطير عليهم كل يوم؟

  قلنا: قيل: كان يحشرها إليهم، وقيل: قوى دواعيهم بحضور تلك البقعة كما يقوي دواعي الصغير في شيء، وقيل: كانت سحابة تمطر عليهم بعضهم فوق بعض، عن أبي العالية ومقاتل، وقيل: كان يحشرها عليهم الجنوب «كُلُوا» يعني قلنا لهم: كلوا «مِنْ طَيِّبَاتِ» قيل: الشهي اللذيذ، وقيل: المباح الحلال، وقيل: المباح الذي يستلذ أكله، عن أبي علي «مَا رَزَقْنَاكُمْ» أي أعطيناكم، وجعلنا ذلك رزقًا لكم «وَمَا ظَلَمُونَا» أي ما لحقنا ضرر بعصيانهم «وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» استحقوا العذاب، وحرموا الثواب.

  · الأحكام: الآية تدل على فساد قول الْمُجْبِرَةِ حيث أضاف ظلمهم إليهم.

  وتدل على أن الانتفاع بالطيب الحلال أولى من التضييق على النفس.

  وتدل على أن الغمامة والمن والسلوى كان معجزة لموسى #، ونعمة على بني إسرائيل.

  وتدل على أنه تعالى لا يخلي عباده من نعمه وإن خالفوا أمره، كما فعل بهم في التيه، وكما ينعم على الكافر، وكما يجب على الإمام نفقة المحبوس من بيت المال، وكان أمير المؤمنين # يتفقد قاتله عبد الرحمن بن ملجم - لعنه اللَّه -.

  القصة

  يقال: ما كان سبب التيه؟ وكم كانت المدة ومكان التيه؟

  قلنا: أمروا بالمشي إلى بيت المقدس، وحرب العمالقة بقوله: {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ} فخالفوا، وقالوا: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا}.