قوله تعالى: {وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون 72 وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير 73}
  الذي يقول: «كُنْ فَيَكُونُ»، قيل: أراد يوم خلق السماوات والأرض، وقيل: أراد يوم القيامة، عن أبي علي «كُنْ فَيَكُونُ» قيل: إنه مَثَلٌ، ومعناه: أنه يفعله كما يشاء بلا معالجة ولا ممارسة بمنزلة أن يقال: كن فيكون، عن أبي مسلم، وقيل: إنه يقول: كن عند إحداث الأمور علامة للملائكة أنه جرى تدبير اللَّه بخلق شيء «قَوْلُهُ الْحَقُّ» أي ما أخبر به من الوعد والوعيد وغير ذلك حق وصِدْقٌ، وقيل: كما أن فِعْلَهُ - وهو خلق السماوات والأرض - لغرض صحيح لا باطل فيه، كذلك أقواله صدق وحَقّ لغرض صحيح لا باطل فيه «وَلَهُ الْمُلْكُ» قيل: القدرة على البعث كما أخبر، وقيل: له ملك الدنيا والآخرة مع أنه لا يفعل إلا حقًّا، ولا يقول إلا حقًّا «يَوْمَ» يعني يوم القيامة «يُنفَخُ فِي الصُّورِ» يعني الملك ينفخ في الصور، وقيل: ينفخ الروح في الصور فيصيرون أحياء «عَالِمُ الْغَيبِ وَالشَّهَادَةِ» أي يعلم جميع المعلومات، ما يعلمه العباد وما لا يعلمونه «وَهُوَ الْحَكِيمُ» في أفعاله «الْخَبِيرُ» العالم بكل شيء.
  · الأحكام: تدل الآية على الأمر بالصلاة والتقوى.
  وتدل على عظم محل الصلاة، وتفخيم شأنها حيث خصها بالذكر من بين الشرائع، ومن حيث عطف على الإسلام، وقرن به التقوى.
  وتدل على المعاد وجميع الخلق.
  وتدل على أن كل خلقه حَقّ لا باطل فيه، خلاف قول الْمُجْبِرَةِ.
  وتدل على أن نفخ الصور يكون في القيامة، خلاف ما قال بعضهم أنه عند فناء الدنيا.
  وتدل على أن وعيده لا خلف فيه، فيبطل قول المرجئة؛ لأن قوله: [«قَوْلُهُ الْحَقُّ»] يدل عليه.
  ويدل قوله: «كن فيكون» أن كلامه محدث إن حمل على ظاهره.