قوله تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين 74 وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين 75}
  تكذيبه، وإبراهيم جدهم، فلو كان آزر ليس بأب لكانوا ينكرون عليه، والذي يؤيد هذا أن في مواضع كثيرة ذكر قصته مع أبيه، ولم يذكر في موضع اسم العم، ولا روي في خبر مستفيض، ولا يقال: إن العم يسمى أبًا؛ وذلك لأنه مجاز وتوسع؛ ولذلك لو نفى وقال: ليس لي أب، وإنما لي عَمٌّ صَحَّ، ولا يجوز حمل الكلام على المجاز إلا بدليل، وقيل: اسمه [تارح]، وآزر لقب له، عن الفراء ومقاتل، وقيل: آزر اسم صنم، عن سعيد بن المسيب ومجاهد، قال الزجاج: فيكون نصبه على هذا بإضمار فِعْلٍ قد [دل] كلام عليه، كأنه قيل: أتتخذ آزر إلهًا «أَتَتَّخِدْ أَصْنَامًا آلِهَةً»، وهذا خلاف الظاهر، ويحتاج إلى إضمار من غير ضرورة، وقيل: إنه صفة عيب، يعني تخرج عن الحق، عن الفراء وسليمان التيمي، وهذا إنما يمكن أن يقال: إنه في لغتهم، وثبت أن القرآن بلغة العرب، وقيل: معناه الشيخ الهِمُّ بالفارسية، وهذا لا يجوز؛ لأن القرآن عربي، ولأن الشيخ الهِمُّ بالفارسية زر، لا آزر، فهَؤُلَاءِ المفسرون كلهم مع اختلافهم لم يقل أحد إنه اسم عمه، ولم يقل أحد: إن قوله لأبيه كناية عن عمه، وروي أن آزر كان ينحت الأصنام ويدفعها إلى إبراهيم ليبيع، فكان يقول: من يشتري ما لا ينفع ولا يضر، وهذا إن صح فإنما أَخَذَهُ لينبه على بطلانه لا ليبيعه، وقد نبه بالبيع والشراء وبعدم النفع والضر على بطلانه «أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً» هذا استفهام، والمراد الإنكار، أي لا تفعلوا ذلك «إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ» في عبادة الأصنام «فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ» قيل: هلاك بَيِّنٍ ظاهر، وقيل: في ضلال من الدين ظاهر «وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ» أي كما أريناك يا محمد أريناه، واختلفوا قيل: أراد رؤية العين، وقيل: أراد العلم، وقيل: البينة على الأدلة «مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ» قيل: ملكهما، وقيل: خلقهما، عن ابن عباس، وقيل: آياتهما، عن مجاهد وسعيد بن جبير قالا: أقيم على صخرة، وكشفت له فرأى السماوات إلى العرش والأرضين إلى السفل [حتى نظر إلى مكانه في الجنة]، وقيل: الملكوت هو الشمس والقمر الذي استدل بهما، عن الضحاك، وقيل: ملكوت السماوات: الشمس والقمر والنجوم، وملكوت الأرض: الجبال والشجر والبحار، عن قتادة، وقيل: عرج بإبراهيم كما عرج بمحمد غير أن هذا إنما يصح بعد النبوة «وَلِيَكُونَ مِنَ الموقِنِينَ» يعني من المتيقنين، واليقين: العلم الذي لا شك فيه.