التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل 102 لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير 103}

صفحة 2347 - الجزء 3

  والإدراك: اللحوق يقال: أدرك قتادة الحسن أي: لحقه، وأدرك الطعامُ: نضج، وأدرك الزرع: بلغ، وأدرك الغلامُ: بلغ ولحق حال الرجولية، وأدركته ببصري: لحقته ببصري، ودركات النار: منازل أهلها الواحد درك، ودرك لأنهم يتلاحقون فيها، وتدارك القوم: تلاحقوا، ولا يكون الإدراك بمعنى الإحاطة؛ لأن علامة كون اللفظين على معنى أن يقوم أحدهما مقام الآخر يقال: البيت محيط به، والجدار محيط بالدار، وليس بمدرك، والعين يحيط بها الكحل وليس بمدرك لها، وبصري يدرك الحائط وليس محيطًا به، والبصر حاسة تقع بها الرؤية، واختلفوا أن الإدراك هل هو معنى أم لا على ما نبينه؟

  واللطف: صغر الشيء، واللطف في الأعمال: الرفق فيها، واللطف من اللَّه: الرأفة والرحمة والرفق، يقال: لَطُفَ يَلْطُفُ لطفًا: إذا رفق به.

  · الإعراب: «خَالِق كل شيء» رفع لأنه خبر ابتداء محذوف، كأنه قيل: هو خالق كل شيء إلا أنه لما تقدم ذكره استغني عن (هو) فحذف ولا يجوز رفعه؛ على أن خبره «فاعبدوه» لدخول الفاء، وقيل: هو صفة قوله: «ربكم» ونعت له، ويجوز نصبه على طريقة الحال؛ لأنه نكرة اتصل بمعرفة بعد التمام، ويجوز على المدح.

  · النظم: قيل: لما تقدم ذكر الأدلة على وحدانيته عقبه بأن ما دل على إثباته، ونبَّه عجيب صنعه على حكمته هو مولاكم، والمستحق لطاعتكم وعبادتكم، ثم وصف نفسه بصفة العظمة عن الأصم.