التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون 111}

صفحة 2368 - الجزء 3

  جريج، وروي أنهم سألوا رسول اللَّه، ÷ أن يأتي بهذه الآيات ليؤمنوا بها فنزلت هذه الآية، وبين أنهم لا يؤمنون وإن جاءتهم الآيات.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى حالهم في عبادتهم وترددهم في طغيانهم، فقال سبحانه: «وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيهِمُ الْمَلَائِكَةَ» حتى يروهم عيانًا ويشهدوا لك بالرسالة «وَكلَّمَهُمُ الْمَوْتَى» يعني لو أحيينا الموتى حتى يكلموهم بالتوحيد والعدل، ويشهدوا لك بالرسالة «وَحشرنَا» جمعنا «عَلَيهِمْ كُلَّ شَيءٍ» قيل: كل أمة، وقيل: كل ما سألوا «قُبُلاً» قيل: مقابلة حتى يعاينوها، عن ابن عباس وقتادة وابن زيد، وقيل قبلا: قبيلاً، عن مجاهد، أي: جماعة جماعة، وقيل: كفيلاً وضمينًا، عن الفراء، قال الفراء: يجوز أن يكون جمع قبيل، ويجوز أن يكون من المواجهة، وبالكسر من المعاينة «مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا» أي: عند هذه الآيات «إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ» قيل: إلا أن يشاء أن يجبرهم على الإيمان، عن الحسن، وقال أبو علي: أن يُلْجِئهم إلى الإيمان بالعلم بأنهم إن راموا خلافه منعوا منه، والمعنى أنهم قط لا يؤمنون اختيارًا إلا [أن] يُكرهوا «وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ» أنهم لو أتوا بكل آية ما آمنوا طوعًا، وقيل: يجهلون مواضع المصلحة، فيطلبون ما لا فائدة فيه.

  · الأحكام: تدل الآية أن ما سألوا من الآيات أنه تعالى قادر عليها، وإنما لا يفعلها؛ لأنهم لا يؤمنون عندها، فلا فائدة فيها.

  وتدل على أنه لو علم أنهم يؤمنون عندها لفعلها.

  وتدل على أن المعارف مكتسبة لذلك قال: «يجهلون» ولا تعلق للمجبرة بالآية في أن الكفر بمشيئة اللَّه؛ لأنا بينا أن إرادة اللَّه تعالى على ضربين:

  أن يريد من عباده شيئًا أن يفعلوه باختيارهم، فهذا هو الذي يقول إنه أراد من