التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين 114}

صفحة 2375 - الجزء 3

  يعدل عن حكم اللَّه رغبة عنه، ولا يرضى به؟ وقيل: معناه هل يجوز أن يساوى حكم اللَّه حكم غيره حتى أعدل إليه أي: لا يساوى، وقيل: معناه هل أتبع أهواءكم في عبادة اللَّه، وأترك الحكم والعدل والكتاب المفصل؟ وقيل: قل لهَؤُلَاءِ الَّذِينَ اغتروا بزخرف القول غرورًا من رؤسائهم أأترك حكم اللَّه وكتابه، وأرجع إلى أقاويلكم المزخرفة، وأراد لا أفعل ذلك، والمراد بقوله: «حَكَمًا» ما نبه عليه تعالى من أدلة العقل والشرع «وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا» يعني القرآن، قيل: فصل فيه المعاني وما يحتاج إليه، وقيل: فصل بين الصادق والكاذب في الدين، وقيل: فصل بين الحلال والحرام، والكفر والإيمان، عن الحسن، وقيل: إنه بلغ الغاية في قطع الحكم بين المختلفين فلم يترك للشبهة موضعًا «وَالَّذِينَ آتَينَاهُمُ الْكِتَابَ» أعطيناهم، قيل: مؤمنو أهل الكتاب، والكتاب هو التوراة والإنجيل، عن الأصم وأبي مسلم، وقيل: هم كبراء الصحابة كالخلفاء الأربعة، وأصحاب بدر، والَّذِينَ بايعوا تحت الشجرة وغيرهم، [والكتاب هو] القرآن، عن عطاء، وقيل: هم أهل الكتاب يعلمون أنه نبي، وأن القرآن منزل، [وإن عاندوا] «يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ» قيل: بما يجدونه من نعته وصفته في كتبهم، وقيل: لما دل عليه المعجز «بِالْحَقِّ» قيل: كل ما فيه من الأخبار والوعد والوعيد حق، وقيل: البرهان الذي تقدم حتى علموا به، وقيل: بالحق أي: ببيان الحق «فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ» أي: من الشاكِّين في ذلك، وقيل: فيما قصصنا عليك فيهم، قيل: الخطاب للنبي ÷ والمراد غيره، وقيل: الخطاب لغيره كأنه قيل: لا تكن من الشاكين أيها الإنسان السامع، وقيل: إنه خطاب له ÷ والمراد طمأنينة قلبه، وزيادة في شرح صدره ويقينه، كقوله: {فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ} عن أبي مسلم، وقيل: من الشاكين في البعث، حكاه الأصم وزيَّفَهُ قال: ولا يعجبني ذلك، وقيل: أهل الكتاب يعلمون صحة نبوتك فجادلهم به، ولا تكن من الشاكين في معرفتهم بذلك، عن أبي علي.

  · الأحكام: تدل الآية أنه لا حُكْمَ تجب طاعته إلا حكم اللَّه، ثم بَيَّنَ أنه تعالى أمر باتباع سنة رسوله وإجماع الأمة.