التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون 121}

صفحة 2388 - الجزء 3

  الميتة، فجدالهم كان فيما ذبح على النصب، وقيل: المراد به الصيد فإن صيد المسلم إذا ذكر عليه اسم اللَّه يحل، وصيد غيره لا يحل، عن أبي مسلم، وقيل: هو ما ذبحه المجوس والمشركون «وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ» قيل: أكله خروج من طاعة اللَّه، فأكله مع التحريم من غير ضرورة فسق، ومستحله في غير حال الضرورة كافر، فكأنه قال: آكله خارج عن الدين في الوجهين، «وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ» أي: يلقون إليهم الشبهة، قيل: أهل فارس يلقون إلى أوليائهم من مشركي قريش، وقيل: المراد البحيرة والسائبة والوصيلة، والشياطين رؤساؤهم الَّذِينَ دعوهم إلى ذلك، وأولياؤهم: أتباعهم من العوام، وقيل: هم شياطين الجن، توسوس إلى أوليائهم من كفار الإنس، في تحريم السائبة، وتحليل ما ذبح للأوثان وغيره، عن الأصم وأبي مسلم، «لِيُجَادِلُوكُمْ» أي: يخاصموكم، قيل: مجادلتهم قولهم: تأكلون ما ذبحتم، ولا تأكلون ما قتل اللَّه؟! وغير ذلك مما ذكرنا في فصل النزول «وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ» قيل: في استحلال الميتة، عن الحسن، وقيل: في جميع ما دعوكم إليه «إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ» قيل: كل كفر شرك في الشرع، وقيل: إذا أطاعوهم في استحلال الذبيحة للأصنام كانوا مشركين، وقيل: لما كانوا مشركين فمن أطاعهم كان منهم كقوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}.

  · الأحكام: تدل الآية على أن للتسمية تأثيرًا للإباحة، فلذلك ذكره، وأكد أمره.

  وتدل على أن ما لم يذكر اسم اللَّه عليه لا يحل أكله، وإن أكله فَسَقَ، هذا هو الظاهر، والأولى حمله على الميتة، فأما المسلم إذا ذَبَحَ، ولم يسم عليه اختلفوا فيه، قيل: لا يحل سواء تركها عمدًا أو نسيانًا، عن مالك وداود، وقيل: تحل في الحالين عن الشافعي، وقيل: تحل إذا تركها ناسيًا، ولا تحل إذا تركها عامدًا، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، ومذهب الهادي، فأما الكتابيُّ إذا ذبح وعلم أنه لم يذكر اسم اللَّه عليه، فقيل: تحل، عن مكحول. وأكثر الفقهاء على أنه لا يحل إذا تعمد تركه، وعند الهادي: لا تحل ذبائح أهل الكتاب. فأما الصبي إذا كان أحد أبويه مسلمًا