قوله تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون 125 وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون 126}
  قرأ أبو جعفر ونافع وأبو بكر عن عاصم: «حَرِجًا» بكسر الراء، الباقون بفتحها، قيل: هما سواء مثل: دنف ونف، وقيل: الحرِجَ بالكسرَ: الإثم، وبالفتح الضيق الشديد. قال أبو حاتم: الحَرِج بالكسر: المضيق عليه، وبالفتح: الضيق، وبالفتح هو جمع حَرَجَة وهي شجرة تحف بها الأشجار حتى يمتنع الراعي أن يصل إليها، قال سيبويه: هو بالفتح المصدر لكسر الاسم.
  قرأ ابن كثير: «يصْعد» ساكنة الصاد مخففة من صَعِدَ يَصْعَدُ صعودًا، وهو قراءة الأعرج وأبي رجاء وشبل، وقرأ أبو بكر عن عاصم: «يصَّاعد» بالألف وتشديد الصاد بمعنى يتصاعد، وهو قراءة طلحة والسلمي والنخعي، وقرأ الباقون: «يصَّعَّد» بغير ألف وتشديد الصاد والعين؛ أي: يتصعد، فأدغمت التاء في الصاد، واختار أبو حاتم وأبو عبيد اعتبارًا بقراءة عبد اللَّه «كأنما يتصعد في السماء».
  · اللغة: الهدي في الأصل: هو الدلالة والبيان، يقال: هُدْهُ إلى الطريق؛ أي: دله، وقد جاء القرآن به على أوجه أربعة: بمعنى الدلالة كقوله: {هُدًى للناس} {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} وبمعنى الإلطاف وزيادة الهدي كقوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} والثالث: بمعنى الثواب في طريق الجنة كقوله: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ٤ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ٥}. والرابع: الحكم بالهداية كقوله: {وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} وضد الهُدَى الضلال، يقال: ضَلِلْت أَضَلُّ مثل: سمع يسمع، وضَلَلْتُ أَضِلُّ مثل: ضرب يضرب لغتان، والضال: الحائر على القصد، وقيل: أصله