قوله تعالى: {وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين 133 إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين 134 قل ياقوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون 135}
  وقرأ حمزة والكسائي «من يكون» بالياء، وفي (القصص) «من تكون له عاقبة الدار» بالتاء، وقرأ الباقون بالتاء في السورتين.
  · القراءة الظاهرة: «ذُرِّيَّة» بضم الذال وتشديد الراء وكسرها، وعن زيد بن ثابت بكسر الذال مشددة، وعن أبان بن عثمان «ذَرِية» بفتح الذال وكسر الراء على وزن فعيلة، وكلها لغات.
  فأما الياء والتاء في «تكون» فكلاهما جائزة؛ لأن المصدر المؤنث يجوز تأنيثه على اللفظ، وتذكيره على المعنى، ونظيره: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا} {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا} قال ابن السراج: ما كان تأنيثه غير حقيقي فيجوز تذكيره.
  · اللغة: الغنى في المال مقصور، والغِناء من الصوت ممدود مكسور، والغَنَاء بالفتح والمد الكفاية، وغنى بالمكان: أقام به، كأنه استغنى به عن غيره، والغانية: المرأة تستغني بزوجها، وقيل: بجمالها عن الحلي، والغنى عن الشيء: هو الذي وجوده وعدمه بمنزلة في أنه لا يلحقه به صفة نقص، واللَّه تعالى غني لنفسه، لا تجوز عليه الحاجة؛ لأن الحاجة من صفة الأجسام التي يجوز عليها المنافع والمضار، ومعنى قولنا: غني لنفسه أنه لا يجوز عليه الحاجة، وليس ذلك بصفة في نفسه يخالف به ويوافق، ولكن لما لم يحتج لما هو عليه جاز أن يقال: غني لنفسه؛ لأن عند أبي هاشم صفات النفي لا تعلل بالنفس، وعند أبي علي تعلل، ولا يثبت به الخلاف والوفاق.
  والذرية: الصغار، والجمع: ذراري، وفي ذرية ثلاثة أقوال:
  الأول: فُعْلِيَّة من الذر؛ لأنهم كالذَّرِّ في الصغر.
  الثاني: فَعْلِيَّة بوزن مَرْضِيَّة، من ذرأ اللَّه الخلق يذرؤهم.
  والثالث: «فُعولة» على تقدير: ذرورة إلا أن الهمزة تبدل واوا، ثم تحول إلى