قوله تعالى: {وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون 136}
  والزعم: القول من غير [حجة] وعن شريح لكل شيء كنية، وكنية الكذب الزعم، والتزعم: التكذب، والزعم أيضًا الطمع، يقولون: زَعِمَ في غير مَزْعَمٍ؛ أي: طمع في غير مطمع.
  · الإعراب: موضع (ما) في قوله: «ساء ما» قيل: رفع تقديره: ساء الحكم حكمهم، عن الزجاج، وقيل: نصب على تقدير ساء حكمًا حكمهم.
  · المعنى: ثم عاد الكلام إلى حِجَاجِ المشركين وبيان قبيح اعتقادهم وسوء فعالهم ومقالهم، فقال سبحانه: «وَجَعَلُوا» يعني كفار مكة، ومَنْ تقدم ذكرهم من المشركين، والجعل ههنا بمعنى الوصف والحكم والتشبيه «لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ» خلق «مِنَ الْحَرْثِ» الزرع «وَالأَنعَامِ» المواشي «نَصِيبًا» أي: حظًا «فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا» أي: سموا ذلك وليس له حقيقة، فزعموا في بعض أنها لله، وفي بعض أنها للشركاء، وسموا شركاء قيل: لأنهم جعلوا لها نصيبًا من أموالهم ينفقون عليها، وعلى سدنتها، وقيل: لأنهم أشركوها في العبادة، وتقدير الكلام: وجعلوا لله نصيبًا ولشركائهم نصيبًا، وقالوا: هذا لله وهذا لشركائنا، فحذف لدلالة الكلام عليه، فرد اللَّه عليهم قولهم بأن بَيَّنَ أنه إذا كان خالق جميع الأشياء ومالكها، فإذا أضافوا إليه إضافة تمليك فالجميع ملكه، وإن أضافوه إليه على وجه التقرب فلماذا أشركوا بينه وبين الحجر والمدر وبين الخالق والمخلوق والمحتاج وغير المحتاج، فَتَعَجَّبَ اللَّه من جهل هَؤُلَاءِ القوم، «فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّه وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ» فيه ثلاثة أقوال:
  أولها: إذا اختلط شيء مما جعلوه لأوثانهم بما جعلوه لله ردوه، وإن اختلط شيء مما جعلوه لله بما جعلوه لأوثانهم لم يردوه، عن ابن عباس وقتادة.