التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون 137}

صفحة 2421 - الجزء 3

  في النعم يعني الأولاد شركائهم، فيكون وجهًا سائغًا، وقال الفراء: ويجوز أن يكون «شركايهم» بالياء رفعًا على لغة من قال في عِشاء عشاي، قال الشاعر:

  إذا الثُّرَيَّا طَلَعَتْ عِاشَايَا ... فَبِعْ لِرَاعِي غَنَمٍ كِسَايَا

  وأبى أبو العباس هذا البيت، وقال: الرواية الصحيحة بالهمز، فأما قراءة السلمي فـ «زُيِّن» على ما لم يسم فاعله «قتلُ» اسمه «أولادهم» مضاف إليه شركاؤهم، فجائز على أنه ذكر الفاعل بعد ما ذكر الفعل على طريقة ما لم يسم فاعله، كأنه قيل: زُيِّن لكثير من المشركين قتل أولادهم، وتم الكلام فقيل: من زينه؟ قال: شركاؤهم، كقولك قد أكل طعامك، قيل: من؟ قال: زيد، وفي التنزيل {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ٣٦ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ٣٧}. كأنه قيل: من؟ فقيل: رجال، قال الشاعر:

  لِيُبْكَ يَزِيدُ ضَارِعٌ لِخُصُومَةٍ ... وَمُخْتَبِطٌ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوَائِحُ

  «فيزيد» مفعول مستقل بنفسه، غير مسمى فاعله، ثم بين فقال: أي: يبكيه ضارع، أو كأنه قيل له: من يبكيه؟ فقال: ضارع لخصومته يبكيه الضارع النحيل الجسم، والمختبط: طالب المعروف، وطاح الشيء يطيح: إذا هلك.

  فأما وجه قراءة العامة فظاهر؛ لأن التزيين مضاف إلى الشركاء كأنه قيل: زين شركاؤهم قتل أولادهم، فالشركاء رفع؛ لأنه فاعل، وقيل: مفعول، وأولادهم مضاف إليه، ومحل الأولاد نصب لوقوع القتل عليهم.

  · اللغة: الزَّيْنُ: نقيض الشين.

  والإرداء: الهلاك، أرداه يرديه إرداء، وردِيَ يَرْدَى رَدىً: إذا هلك، فهو رد