التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين 142 ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبئوني بعلم إن كنتم صادقين 143 ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين 144}

صفحة 2452 - الجزء 4

  · الإعراب: «رجس» رفع لأنه خبر (إن)، و «فسقًا» نصب على ما تقدم من المحرمات ميتة أو دمًا مسفوحًا، وجميع ذلك نصب بخبر (كان).

  · المعنى: لما تقدم ذكر ما حرمه المشركون افتراء على اللَّه أمر رسوله أن يبين لهم المحرمات، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد «لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ» أي: أوحاه اللَّه إليّ أي: شيئًا «مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ» آكل يأكله.

  ومتى قيل: لم اقتصر على هذه الأقسام جمع تحريم غيرها في المائدة من المنخنقة والموقوذة؟

  فجوابنا أن جميع ذلك يقع عليه اسم ميتة، وله حكمها بَيَّن ههنا إجماله، وثَمَّ فَصَّلَ، وقيل: إن ما عدا ذلك حرم بعده؛ لأن الأنعام مكية، والمائدة مدنية، فما ذكر فيه طارئ، وقيل: تقديره: لا أجد فيما أوحي إليّ مما كنتم تستبيحون وتتناولون محرمًا إلا هذه، فزعم أنها مقيدة بهذا الوجه «إِلا أَنْ يَكُونَ مَيتَةً» فالميتة حرام أكله «أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا» أي: مصبوبًا كدم العروق، فأما الكبد والطحال فدم جامد غير مسفوح فتحل، وكذلك الدم الذي يخالط اللحم فليس بمسفوح فتحل، عن قتادة وعكرمة، وأكثر الفقهاء «أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ» أي: نجس «أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّه بِهِ» يعني ما ذبح، وذكر عليه اسم الأوثان، وقيل: حرم ما أهل به لغير اللَّه كأنه ذبح تقربًا إلى الأوثان، وسمي فسقًا لخروجه عن أمر اللَّه، وقيل: أَكْلُهُ فِسْقٌ عن أبي علي «فَمَنِ اضْطُرَّ» أي: بلغ الضرورة في المجاعة «غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ» قيل: غير باغ: طالب التلذذ بأكله، وقيل: عامدًا لتحليل ما حرم اللَّه، ولا عادٍ أي: طالب زيادة، وقيل: لا يعتد يتجاوز ذلك إلى ما حرم اللَّه، وقيل: غير عادٍ بسبقه في قطع الطريق «فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ