التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون 146 فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين 147}

صفحة 2453 - الجزء 4

  رَحِيمٌ» قيل: غفور يغفر الذنب بالتوبة رحيم بعباده، عن أبي علي، وقيل: حكم بالرخصة كما حكم بالرحمة والمغفرة، وقيل: من رحمته، ومغفرته رخص لكم، وقيل: غفور لمن تاب من استحلال ذلك في الجاهلية، رحيم إذ أحلها عند الضرورة، ولم يأمرهم بقتل أنفسهم، عن الأصم.

  · الأحكام: تدل الآية على تحريم ما في الآية وليس بمانع من تحريم غيره بعده، وقد تعلق ابن عباس بالآية في تحليل لحوم الحُمُر، وعائشة في تحليل لحوم السباع، وعكرمة في إباحة كل شيء سوى ما في الآية، وعن الشعبي أنه أبيح لحم الفيل، ويتلو هذه الآية، ولا تعلق لجميعهم بذلك؛ لأنه بين أنه لا تحريم في تلك الحالة إلا ما في الآية، ثم يجوز تحريم أشياء بعد ذلك، ويجوز تحريم الصيد لعارض، فأما الحُمُر فالمقصود تحريم الحيوان فلا يدخل فيه غيره.

  وتدل على تحريم الدم بشرط أن يكون مسفوحًا، فلا يدخل فيه الكبد والطحال، وقد وردت السنة بإباحته، وتدل على تحريم ما يذبح للأوثان.

  ومتى قيل: إذا حرم غير ما في الآية وجب أن يكون نسخًا؟

  قلنا: ذلك زيادة تحريم، وليس بنسخ لما في الآية؛ لأن حاله لا يتغير فعلى هذا يصح القول بتحريم كل ذي ناب من السباع، وذي مخلب من الطير، وغير ذلك، وتفصيل ما يحرم ويحل من الحيوانات موضعه كتب الفقه.

قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ١٤٦ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ١٤٧}