قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون 151}
  والسدي، وقيل: إنما قال ذلك لإزالة التوهم الفاسد في الاستبطان، عن الحسن وقتادة، وقيل: ما ظهر الخمر، وما بطن الزنا عن الضحاك، وقيل: الظاهر أفعال الجوارح، الباطن أفعال القلوب، وقيل: هو ما ظهر للناس وما هو باطن عنهم، عن أبي علي، وإنما المراد ترك المعاصي كلها؛ لأنها لا تخلو من ظاهر وباطن «وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ» أعاد ذكر القتل، وإن كان داخلاً في الفواحش تفخيمًا لشأنه، وتعظيمًا لأمره، والذي حُرِّمَ من القتل نَفْسُ المؤمن والمعاهد «إِلَّا بِالْحَقِّ» يعني بما أباح قتلها، وهو الردة والزنا إذا كان محصنًا، وقتل النفس بغير حق، والبغي على الإمام العادل، وقطع الطريق، وأن يقصد إنسانًا بالقتل فيدفعه، ولا يقصد قتله، فإن قتله فدمه هدر «ذَلِكُمْ» يعني هذه الأشياء المذكورة «وَصَّاكُمْ بِهِ» يعني أمَرَكُمْ «لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» أي: تعلمون ذلك فامتثلوا أمره، وانتهوا عما نهى عنه، وقيل: استعملوا عقولكم في معرفة ذلك لتعلموا أن اللَّه أراد بكم الرحمة، وقيل: إذا قبلتم أمري عقلتم ما يجب عليكم.
  · الأحكام: تدلُّ الآية علي تحريم هذه الأشياء فقد ورد الشرع مؤكدًا ومنبهًا ولطفا وتفخيمًا لشأنها، وتعظيمًا لأمرها، وقوله: «أَلَّا تُشْرِكُوا» يدلُّ أن التكليف يتعلق بألَّا يفعل كما يتعلق بالعقل، وأنه يستحق الثواب والعقاب على ألّا يفعل، على ما يقوله أبو هاشم، خلاف ما يقوله أبو علي، وتدل على أن مَنْ عَبَدَ غيره فهو مشرك، فتدل من هذا الوجه أن من قال: إنه - تعالى - جسم أو له صورة وأعضاء فهو مشرك، وتدل على أنه لا قديم معه؛ لأنه إذا أَثْبَتَ معه قديمًا فقد أشرك معه في أخص وصفه، فيوجب إثبات مِثْلٍ له، وتدل على وجوب الإحسان إلى الوالدين، وهو ما يخرجه من حد العقوق من النفقة والبر والصلة، ولهذا قلنا: إن نفقة الوالدين تجب وإن كانا كافرين بخلاف سائر الأقارب، وتدل على تحريم قتل الأولاد خوف العيلة، فيدخل فيه إن شرب دواء ليقتل الجنين، وأبطل عذرهم بقوله: «نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ» ويدل قوله: «مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» أن أفعال