قوله تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون 152}
  وقال أبو مسلم: الأَشدّ جمع شدة مثل نعمة وأنعم، ووزنه فعلة وأفعل. والقسط: العدل.
  · الإعراب: نصب «ذا قربى» على خبر (كان)، واسم (كان) محذوف، تقديره: ولو كان الرجل ذا قربى، وأوفوا وفُوا بمعنى، وهو الذي فَعَلَ وأَفْعَلَ بمعنى.
  · المعنى: بَيَّنَ تمام ما يتلو من المحرمات والمأمورات والمنهيات فقال: «وَلاَ تَقْرَبُوا» يعني لا تتأولوا ولا تأخذوا، وإنما ذكر القرب تأكيدًا «مَالَ اليتيمِ» الذي لا أب له، وإنما خصه بالذكر؛ لأنه لا يدفع عن نفسه ولا عن ماله هو ولا غيره، فكانت الأطماع في ماله أشد، فخصه بالذكر تأكيدًا «إِلَّا بِالتي هِيَ أَحْسَنُ» أي: أنفع وأعدل، وقيل: هي حفظه إلى أن يكبر فيسلم المال إليه، وقيل: ينميه بالتجارة، عن مجاهد والضحاك والسدي، وقيل: أَكْل القيّم عليه بالمعروف دون الكسوة، عن أبي علي وابن زيد، وقيل: أن يأخذه قرضًا، وقيل: ركوب دابة واستخدام خادم، حكى الوجهين الأصم «حَتَّى يَبْلُغُ أَشُدَّهُ» تجتمع قوته، وقيل: يحتلم فتكتب عليه الحسنات والسيئات عن يحيى بن [يعمر والشعبي] وربيعة وزيد بن أسلم، وقيل: ثلاثون سنة، عن السدي، وقيل: ما بين ثماني عشرة سنة؛ لأنه أكثر ما يقع عنده البلوغ إلى ثلاثين سنة، عن الكلبي، وقيل: حتى يعقل وتجتمع قوته، عن أبي العالية، وقيل: حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة، عن أبي حنيفة، وقيل: حتى يتقوى على حفظ [ماله]، وهو اختيار القاضي، ولا شبهة أن هذا الحد لأجل أن يصير حيث يمكنه حفظ ماله، واجتهد العلماء في ذلك فقال أبو حنيفة: إنه إذا بلغ خمسًا وعشرين سنة يؤنس منه الرشد، ويقوى على حفظ [ماله]، وفي الآية حذف؛ لأن مجرد بلوغ الأشد لا يوجب دفع ماله إليه فتقديره: حتى يبلغ أشده ويؤنس رشده فادفعوا إليه حينئذ «وَأَوْفُوا الْكَيلَ وَالْمِيزَانَ» أي: أتموا ما تعطونه بالكيل والميزان «بِالْقسْطِ» بالعدل «لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا» أي: طاقتها، قيل: في إيفاء الكيل والوزن، حتى لا يُؤاخِذَ في ذلك بالحبات وما لا