قوله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون 153}
  قلنا: الفائدة إذا نصب في صراطي، وإذا رفع فليس كذلك، إنما الفائدة في اجتماع أنه صراط، وأنه مستقيم، ونصب «مستقيمًا» على الحال، ف (هذا) اسم و (صراطي) خبره، ومستقيم: نصب على الحال، وقيل: نصب على القطع؛ لأنه نكرة، وصراطي معرفة.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - أن ما تقدم ذِكْرُهُ طريقه المستقيم الذي أوجب اتباعه، فقال سبحانه: «وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي» أي: الإسلام طريقي الذي أمرت بها، وقيل: القرآن وسائر الحجج «مُسْتَقِيمًا» أي: قيمًا لا عوج فيه ولا تناقض «فَاتَّبِعُوهُ» أي: اقتدوا به واعملوا به، واعتقدوا صحته، وأحلوا حلاله وحرموا حرامه «وَلاَ تتبعوا السُّبُلَ» قيل: الديانات المخالفة للإسلام، عن أبي علي، وقيل: طريق الكفر (الضلال) «فتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ» يعني إذا تركتم طريق الحق المستقيم تفرقتم، وتفرق جمعكم، وزالت ألفتكم «ذَلِكُمْ وَصَّاكمْ به» أمركم به «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» أي: لكي تتقوا المعاصي، وقيل: لتتقوا التفرق به كناية عن القرآن، أو الإسلام كأنه قال: وصاكم بالإسلام، ويحتمل وصاكم بما تقدم، وقيل: لتتقوا عذابه بفعل الواجبات واجتناب المعاصي، عن أبي علي وأبي مسلم، وقيل: لكي تتقوا بما أوحى إليكم ما كنتم عليه من الضلال، عن الأصم.
  · الأحكام: تدل الآية على تحريم الاختلاف؛ لما فيه من العدول عن الحق.
  وتدل على أنه أراد من الجميع الاتقاء، خلاف قول الْمُجْبِرَةِ.
  وتدل على أن طريق الحق واحد، وهو في أصول الدين.
  وتدل على أن اتباع الحق والباطل فِعْلُهُم؛ لذلك أمرهم ونهاهم.