التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون 154 وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون 155}

صفحة 2471 - الجزء 4

  والنصب على الحال العارضة في وقت الفعل، و (ثُمَّ) من حروف العطف، وحروف العطف وإن اتفقت في النسق اختلفت في المعنى، فالواو للجمع عند الأكثر، وقيل:

  للترتيب، وذلك لا يصح، و (الفاء) للتعقيب، و (ثُمَّ) للتراخي، و (أو) للتخيير. «تمامًا» نصب على القطع، وقيل: على التفسير، «وتفصيلاً» «وهدًى ورحمةً» نصب على تقدير: أنزلناه تفصيلاً، وهدى ورحمة، أو أنزلناه هدى، وفصلناه تفصيلاً.

  · النظم: يقال: كيف إذا كانت (ثُمَّ) للتراخي، فكيف جاز أن يقول: «ثُمَّ آتَينَا مُوسَى الْكِتَابَ» وكتابه نزل قبل القرآن، كيف تقدير الكلام ونظمه؟

  قلنا: فيه وجوه:

  أولها: أن فيه حذفًا تقديره: ثم قل يا محمد إنا آتينا موسى الكتاب، ويدل عليه «قل تعالوا أتل»، فتقديره: اتْلُ ما أوحي إليك، ثم اتل عليهم خبر ما آتينا موسى.

  وثانيها: قال الزجاج: ثم اتل ما آتينا موسى الكتاب.

  وثالثها: (ثُمَّ) بمعنى الواو، وحروف العطف يكون بعضها مقام بعض على تقدير: وآتينا موسى الكتاب.

  ورابعها: أنه عطف خبر على خبر لا عطف معنى على معنى، أو مخبر على مخبر كقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا} وقال تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وتقديره: أخبركم أنه جعل منها زوجها، وتقدير الآية ثم أخبركم أنه أعطى موسى الكتاب، حكاه الشيخ أبو حامد، والذي يؤيده قول الشاعر:

  قُلْ لِمَنْ ساد ثم ساد أبوه ... ثم قد ساد قبل ذلك جده