قوله تعالى: {ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون 154 وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون 155}
  وخامسها: أنه يتصل بقوله في قصة إبراهيم: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} فَعَدَّ نعمه عليه بما جعل في ذريته من النبوة، ثم عطف عليه بذكر ما أنعم عليه بما آتى موسى من الكتاب والنبوة، وهو من ذريته، عن أبي مسلم، وقيل: تقديره: ثم أعلمتكم عن موسى وكتابه بعد الذي بينت لكم، واحتججت عليكم، عن الأصم.
  · المعنى: «ثُمَّ آتَينَا» أعطينا «مُوسَى الْكِتَابَ» يعني التوراة «تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ» فيه ستة أقوال:
  أولها: تمامًا على إحسانه أي: إحسان موسى بطاعاته، عن الربيع والفراء والأصم، كأنه قيل: ليكمل إحسانه الذي يستحق به كمال ثوابه في الآخرة.
  وثانيها: تمامًا على المحسن، عن مجاهد، وقيل: في قراءة ابن مسعود: (تمامًا على [الذين أحسنوا])، والنون قد تحذف قال الشاعر:
  وَإِنَّ الذِي حَانَتْ بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُمْ ... هُمُ القومُ كُلُّ القَوْمِ يا أُمَّ خَالِدِ
  كأنه قيل: تمامًا للنعمة على المحسن الذي هو أحدهم، قال أبو عبيدة: معناه تمامًا على كُلِّ مَنْ أحسن، يعني أظهر فضله عليهم.
  وثالثها: تمامًا على إحسان اللَّه إلى أنبيائه، عن ابن زيد.
  ورابعها: تمامًا لكرامته في الجنة على إحسانه في الدنيا، عن الحسن وقتادة، قال قتادة: تقديره: من أحسن في الدنيا تمت عليه كرامة اللَّه في الآخرة.
  وخامسها: تمامًا على إحسان اللَّه إلى موسى بالنبوة وغيرهما من الكرامة، عن أبي علي.
  وسادسها: قيل: إنه يتصل بقصة إبراهيم أي: تمامًا للنعمة على إبراهيم، ولجزائه