قوله تعالى: {ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون 154 وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون 155}
  على إحسانه في طاعة ربه، وذلك من لسان الصدق الذي سأل اللَّه - تعالى - أن يجعل له، عن أبي مسلم، ويرجع الإحسان إلى إبراهيم.
  «وَتفصِيلاً لِكُلِّ شَيءٍ» أي: بيانًا لكل ما يحتاج إليه المكلف «وَهُدًى» أي: دلالة على الحق والدين يهتدى بها إلى التوحيد والعدل والشرائع «وَرَحْمَةً» أي: نعمة على سائر المكلفين؛ لما فيه من الأمر والنهي والوعد والوعيد والأحكام «لعلهم» أي: لكي «بِلِقَاءِ رَبّهِم» معناه الرجوع إلى ملكه وسلطانه يوم لا يملك أحد شيئًا سواه، وقيل: بلقاء جزائه فجعل لقاء الجزاء لقاه تفخيمًا لشأنه مع الإيجاز من غير إخلال بالمعنى، كما يقال: من مات فقد لقي اللَّه، وليس هناك إلا لقاء ما أعد له من الجزاء، وقيل: بلقاء اللَّه إياهم «يُؤْمِنُونَ» يصدقون «وَهَذَا كِتَابٌ» يعني القرآن سمي كتابًا؛ لأنه يكتب، وقيل: لأنه كتاب اللَّه إلى عباده «أَنزَلْنَاهُ» يعني أنزله جبريل إلى محمد من اللوح المحفوظ، فإنه أضاف النزول إليه توسعًا، كما يقال: جاءت رسالة فلان، يعني جاء فلان بالرسالة «مُبارَكٌ» أي: فيه كل خير وبركة، وقيل: دام ببركته «فَاتَّبِعُوهُ» اعتقدوا صحته واعملوا به، وكونوا من أتباعه «وَاتَّقُوا» قيل: اتقوا معاصي اللَّه، وقيل: اتقوا عقابه، وقيل: اتقوا مخالفة الكتاب المنزل إليكم فبه تنالوا [الخير] «لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» أي: لكي ترحموا، وفيه أقوال:
  قيل: اتقوا على رجاء الرحمة، عن أبي مسلم.
  وقيل: اتقوا لترحموا أي: ليكن الغرض بالتقوى رحمة اللَّه.
  وقيل: لترحموا جزاء على التقوى، عن الأصم وأبي علي.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه - تعالى - أعطى موسى الكتاب لكي يؤمنوا، خلاف قول الْمُجْبِرَة أنه أعطاه لكي يكفر بعضهم، وتدل على أن القرآن منزل على محمد كما أنزل