قوله تعالى: {قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين 161 قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين 162 لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين 163}
  السادس: نصب على المدح، عن أبي مسلم، ونصب ملة بدلاً من الدين، و (حنيفًا) نصب على الحال، و (محياي) لابد من فتح الياء؛ لأن ما قبلها ساكن، (ومماتي) أنت بالخيار إن شئت سكنتها، وإن شئت فتحتها؛ لأن ما قبلها متحرك، وهي الياء.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - أن الهادي هو اللَّه تعالى، وأنه هدى الجميع وأزاح العلة، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد أو قل أيها الإنسان، والأول الوجه «إِنني هَدَانِي» قيل: دَلَّني وأرشدني، فالهدى بمعنى الدلالة، عن أبي علي وأبي مسلم، وقيل: وَفَّقَنِي ولَطَفَ لي حتي اهتديت، فالهدى بمعنى اللطف، وقيل: المراد بالهدى: الاهتداء؛ لأنه مدح، وإنما يكون مدحًا إذا اهتدى، كأنه قال: حصل لي الهداية والعلم بِاللَّهِ ودينه «رَبِّي» مالكي وخالقي «إِلَى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ» طريق واضح مُسْتَوٍ لا عوج فيه، وهو دين الإسلام «دِيخًا قِيَمًا» قيل: مستقيمًا، وقيًل: ثابتًا دائمًا لا ينسخ «مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ» يعني دينه، وإنما وصفه بملة إبراهيم للرغبة فيه لجلالة إبراهيم في نفوس كل أهل الأديان، ولانتساب العرب إليه، واتفاقهم أنه كان يدعو إلى عبادة اللَّه، وينهى عن عبادة الأصنام «حَنيفًا» قيل: مخلصًا لعبادة اللَّه بريئًا من كل شرك، عن الحسن والأصم، وقيل: مستقيمًا، عن أبي علي «وَما كان من المُشْرِكِينَ» يعني إبراهيم لم يشرك قَطُّ بِاللَّهِ «قُلْ إِنَّ صَلَاتِي» قيل: دعائي، وقيل: الصلاة المشتملة على الركوع والسجود والقيام «وَنُسُكِي» ذبيحتي في الحج والعمرة، عن سعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والسدي والضحاك، وإنما خص الذبيحة؛ لأنهم كانوا يذبحون للأوثان، وقيل: نسكي ديني، عن الحسن، وقيل: عبادتي، عن أبي علي والزجاج والأصم، «وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي» قيل: حياتي وموتي، والمراد التسليم لأمر اللَّه في تدابيره وأموره كأنه قيل: أبذل طاعتي لك، بل أبذل روحي وحياتي فهو مبالغة في الانقياد، وقيل: صلاته ونسكه له عبادةً، وحياته ومماته له ملكًا وقدرة، عن القاضي، وقيل: عبادته له؛ لأنه بهدايته ولطفه ومحياه ومماته؛ لأنه تدبير هو خلقه، وقيل: أراد النعمة في المحيا والممات أي: لا تشرك في نعمه، وقيل: الأعمال الصالحة التي تتعلق بالحياة من