التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون 164 وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم 165}

صفحة 2488 - الجزء 4

  - تعالى - خاصة. والوِزْرُ: مصدر وَزَرَ يَزِرُ وِزْرًا، ووُزِرَ يُوزَرُ فهو موزور، وأصل الوزر: الملجأ، ومنه: {كَلَّا لَا وَزَرَ} فحال الموزور كحال الملتجئ إلى غير ملجأ، ومنه: الوزير؛ لأن الملك يلتجئ إليه في الأمور، وقيل: أصله الثقل، ومنه: {وَوَضعنَا عَنكَ وِزرَكَ} والخلائق: واحدها خليقة، كصحيفة وصحائف، وسفينة وسفائن. خَلَفَ فلانًا يَخْلُفُهُ فهو خليفة: إذا جاء بعده.

  · الإعراب: في نصب «درجاتٍ» ثلاثة أقوال:

  أولها: أن تقع موقع المصدر، كأنه فيه رَفْعَهُ.

  وثانيها: إلى درجات، فيحذف كما يحذف من دخلت البيت.

  وثالثها: على المفعول من قولك: ارتفع درجة، ورفعته درجة، مثل اكتسى ثوبًا، وكسوته ثوبًا.

  «قُلْ أَغَيرَ اللَّهِ» استفهام والمراد الإنكار.

  · المعنى: لما بين إخلاصه في الدين أَمَرُه أن يحتج عليهم في بطلان ما هم عليه، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد «أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا» يعني كيف أطلب ربًا، وأترك عبادة من خلقني ورباني، والمراد أنه لا ينبغي لأحد أن يفعل ذلك، وقيل: أغيره أبغي راعيًا، وهو يكفي الهم «وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ» أي: مالكه وخالقه ومدبره «وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا» أي: لا تؤاخذ كل نفس أتت بمعصية سواها فهي كسبت ذلك على نفسها، واتصاله بما قبله أنه لا ينفعني في ابتغاء رب سواه ما أنتم عليه من ذلك؛ لأنه لا يؤخذ بذنبي إلا أنا «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» يعني لا يجازى أحد بذنب غيره أشار إلى أنه لا يؤخذ بذنبهم، وإنما يدعوهم نصيحةً وعظة فقط «ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ