قوله تعالى: {المص 1 كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين 2 اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون 3}
  [أَفْصِل]، وعن السدي: أنا المصور، وعن سعيد بن جبير: أنا اللَّه الصادق. عن ابن عباس أنها اختصار من كلامي فهمه النبي ÷ كقول الشاعر:
  قُلتُ لَهَا قِفيِ لَنَا قَالَت قَافِ
  يعني: وقفت، وعن محمد بن كعب: الألف افتتاح أسمائه: أحد أول آخر، واللام افتتاح اسمه لطيف، والميم افتتاح اسمه مجيد، والصاد افتتاح أسمائه «صمد صادق صانع»، هذا «كتَابٌ» وهو القرآن «أُنزِلَ إِلَيكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ» قيل: ضيق عن الحسن وأبي العالية يعني لا تتعرض لضيق الصدر منه، وقيل: شك، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي يعني [لا تشك في] ما يلزمك؛ لأنه أنزل الكتاب لتبيينه، وقيل: لا يضيقن صدرك في تأديته وإبلاغه، فاللَّه يعصمك من الناس، وقيل: لا يَضِقْ صدرك بتكذيبهم إياك، فإن اللَّه يجازيهم، والمؤمن لا يضيق صدره بالقرآن لكن يضيق صدره بأن يكذب رسول اللَّه مع جلالته، ويرد كتاب مثل القرآن «لِتُنذِرَ بِهِ» أي: لتخوف بوعده وقوارعه وأمثاله وأمره ونهيه «وَذِكرَى» أي: موعظة لهم ليتذكروا ما فيه من العبر، وقيل: ليتذكروا ما فيه من العمل، وخص المؤمنين لأنهم ينتفعون به، وإن كان ذكرى لجميع المكلفين «اتَّبِعُوا» قيل في الكلام حذف يعني: قل لهم: اتبعوا، وقيل: لا حذف فيه، ولكنه خطاب له ولسائر المكلفين باتباع القرآن، واتباعه الإيمان به، والعمل بما فيه «مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ» يعني القرآن «وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ»؛ لأن مَن لم يتبع القرآن صار متبعا لغير اللَّه من المعبودين كالأصنام وغيرهما، فأمر باتباع القرآن، ونهى عن اتباع الأصنام ليعلم أن اتباع القرآن اتباع اللَّه - تعالى - «أَوْلِيَاءَ» قيل: أنصارًا على معنى يرجون منهم النصرة، وهي الأصنام، وإن كانوا لا يَنْصُرُون، وقيل: آلهة، وقيل المراد رؤساؤهم «قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ» أي: ما أقل تذكرهم، وقيل: قليل منهم من يتذكر.