قوله تعالى: {المص 1 كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين 2 اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون 3}
  قلنا: فيه وجهان:
  الأول: على التقديم والتأخير، تقديره: كتاب أنزلناه إليك لتنذر به، فلا يكن في صدرك حرج، عن الفراء والزجاج وأكثر أهل العلم.
  الثاني: فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به على انشراح الصدر بالإنذار، فلما أمره بالإنذار، بالقرآن أمر جميع المكلفين باتباعه، عن قطرب.
  · المعنى: «المص» فيه أقوال: قيل: اسم للسورة ومفتاح لها، عن الحسن وقتادة وأبي علي، وقال مجاهد: فواتح افتتح بها كتابه، وقيل: إنه كناية عن حروف الهجاء، إشارة إلى أن القرآن مركب من هذه الحروف وبها يتكلمون، وقد عجزتم عن الإتيان بمثلها؛ لتعلموا أنها معجزة، وأنه كلام اللَّه تعالى، عن أبي مسلم، وقيل: إنها إشارة إلى أن كلامه من هذه الحروف، وهي محدثة، فوجب أن كلامه محدث، وقيل: لما قال المشركون: {لَا تَسْمعُوا لهذَا القُرْآنِ} ذكر - تعالى - هذه الحروف في أوائل السورة، ولم يكونوا سمعوا بجنسها فاستمعوا فتعقبه بما هو حجة عليهم وما هو قرآن، عن قطرب والأصم، وقيل: إنه سر اللَّه في كتابه لا يعرف معناه وهذا [لا] شيء لوجوه:
  منها: أنه - تعالى - خاطب للتفهيم، فلا يجوز أن يخاطب بما لا يُفهم معناه.
  ومنها: أن الصحابة تكلموا في معنى الحروف من غير نكير، وكذلك التابعون.
  ومنها: أنه لا يخلو إما أن يكون لها معنى أو لا معنى لها، فإن كان لها معنى صح أن يُعلمه، وإن لم يكن فذكره لغو.
  وقيل: إنه مفاتيح أسماء اللَّه تعالى، ثم اختلفوا، فقال ابن عباس: معناه: أنا اللَّه