قوله تعالى: {وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون 4 فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين 5}
  والتبييت بمعنى، وبات يفعل إذا فعله ليلاً. والدعاء والدعوى: أصله الطلب، غير أن في الدعوى اشتراكًا بين الدعاء والادعاء بالمال، ونحوه. والبأس: شدة العذاب، ومنه: البؤس شدة الفقر، وبئس من شدة الفساد الذي يوجب الذم.
  · الإعراب: (وكم) موضعه رفع بالابتداء، وخبره في (أهلكنا) وقيل: نصب برجوع الهاء في (فجاءها) إليه. و (كم) للتكثير، و (رب) للتقليل.
  ويقال: ما معنى (أو) في قوله: «أو هم قائلون»؟
  قلنا: قيل: الواو مضمر [فيه] ومعناه أو وهم قائلون، يعني منها ما أهلكت ليلاً، ومنها ما أهلكت نهارا، وإنما حذفت الواو استثقالاً لنسق على نسق عن الفراء، وقيل: معنى (أو) التخيير والإباحة تقديره: جاءهم بأسنا مرة ليلاً ومرة نهارا، فاستغنى ب (أو) عن الواو عن الزجاج، وأنكر قول الفراء.
  ويقال: لم دخل الفاء في «فَجَاءَهَا بَأْسُنَا»؟
  قلنا: فيه أربعة أقوال:
  أولها: أهلكناها في حكمنا، فجاءها بأسنا.
  وثانيها: أهلكناها بإرسال الملائكة للعذاب فجاءها العذاب بياتًا.
  الثالث: أن الفاء بمعنى الواو، كقولك: زرته فأكرمته.
  الرابع: أهلكناها، فصح أنه جاءها بأسنا
  (بياتًا) نصب على المصدر.
  · النظم: يقال: كيف يتصل قوله: «وكم أهلكنا» بما قبله؟
  قلنا: يتصل بما قبله من الإنذار الذي أمر اللَّه رسوله به، وأنزل الكتاب له، وهو سوء العاقبة، كأنه قيل: اتبعوا القرآن واحذروا مخالفته [لئلا] ينزل بكم ما نزل