التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين 6 فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين 7 والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون 8 ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون 9}

صفحة 2503 - الجزء 4

  منها: أنه لطف للخلق [إذْ] أخبرهم بذلك.

  ومنها: ليعلم أنه - تعالى - لا يضيع شيئًا، وإن كان مثقال ذرة، فيجازي كل أحد على فعله.

  ومنها: ليعلم أنه - تعالى - لا يظلم أحدًا بنقصان ثوابه ولا بزيادة عقابه على المستحق.

  ومنها: ليعلم ما انحبط من أعماله.

  ومنها: ليظهر الولي من العدو والمثاب من المعاقب.

  «يَوْمَئِذٍ» يعني يوم القيامة «الْحَقُّ» يعني بوزن الحق، ثم يجازي كل أحد بعمله لا يُبخَس محسن من إحسانه ولا يزاد مسيء في عقوبته «فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ» بالحسنات «فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» الظافرون بدخولهم الجنة «وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ» بالسيئات «فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ» فكأنهم خسروها، وقيل: خسروا منافع أنفسهم أبدًا، وقيل: خسر منزله في الجنة لو آمن وعمل لله «بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا» بحججنا «يَظْلِمُونَ» قيل: يجحدون، وقيل: يظلمون الآيات بالتكذيب والرد، وقيل: ظلم نفسه بالتكذيب بآيات اللَّه.

  · الأحكام: تدل الآيات على أنه - تعالى - يسأل كل مكلف عن عمله.

  قال أبو علي: وتدل على أنه يحاسب الكل، [فيبطل] قول من يقول: المحاسبة إنما تكون في الَّذِينَ يخلطون العمل الصالح بالسيئ.

  وتدل على بطلان قول المشبهة؛ لأنه لو كان على العرش لكان غائبًا عن الخلق.

  وتدل على إثبات الموازين، وإذا ورد القرآن بالميزان وله حقيقة، وورود بالموازين وهو جمع فلا مانع من حمله على ظاهره مع أن أكثر العلماء عليه فلا معنى لإنكاره، ولا شبهة أن الأعمال لا يصح أن توزن فلا بد من حمله على أحد الوجوه التي ذكرنا.

  وتدل على بطلان قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق؛ لأن أفعال العباد لو كانت مخلوقة