قوله تعالى: {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين 6 فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين 7 والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون 8 ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون 9}
  تقص عليه بما تجده في كتاب عمله «بعلم» قيل نقص بأنا عالمون، وقيل: بمعلوم كقوله: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} أي: معلومه «وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ» عن الخلق، وقيل: من علم ذلك، وقيل: عن الرسل فيما بلغوا والأمم فيما أجابوا، وذكر ذلك مؤكدًا لعلمه بأحوالهم.
  «وَالْوَزْنُ» فيه أقوال:
  أولها: أن الوزن معناه العدل، والمراد أن القضاء يومئذ بالعدل وليس ثَمَّ ميزان، عن مجاهد والضحاك.
  وثانيها: يوزن بميزان له كفتان ولسان، فتوزن الحسنات والسيئات، عن ابن عباس وابن مسعود وسلمان والحسن وأبي علي وأكثر أهل العلم، واختلفوا في ما يوزن به؛ لأن الأعمال، أعراض عدمت لا يجوز عليها الإعادة ولا لها وزن، ولا تقوم بنفسها، فقيل: توزن صحائف الأعمال عن عبد اللَّه بن عمر وجماعة، وقيل: تظهر علامات للحسنات وعلامات للسيئات في الكفتين فيراها الناس، عن أبي علي، وقيل: يظهر نور وظلمة، وقيل: تظهر للحسنات صورة حسنة وللسيئات صورة قبيحة، عن ابن عباس.
  الثالث: المراد بالوزن ظهور مقدار المؤمن في العظم ومقدار الكافر في الذلة، قال تعالى: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} فالمعنى من أتى بالعمل الصالح الذي يثقل وزنه يعني يعظم قدره فقد أفلح، ومن أتى بالعمل السيئ الذي لا وزن له ولا قيمة، فقد خسروا أنفسهم، عن أبي مسلم.
  الرابع: يوزن الإنسان، عن عبيد بن عمير، وروي نحوه عن سلمان، فأما من أثبت ميزانًا له لسان [وكفتان كموازين] الدنيا اختلفوا فقيل: لجميع الخلق ميزان واحد، وقيل: بل هناك موازين، وقيل: صاحب الميزان جبريل، عن حذيفة.
  ومتى قيل: ما فائدة الموازين مع أنه - تعالى - عالم بها، وهي مكتوبة محفوظة؟
  فجوابنا: فيه فوائد جمة: