التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين 66}

صفحة 420 - الجزء 1

  واليد: أصله الجارحة، ثم يستعمل في غيره توسعًا، فيقال للنعمة: يد، وللقدرة: يد، وقد تكون اليد صلة، فيقال: هذه الضيعة في يد فلان، أي في ملكه وتصرفه، مشابهًا بالشيء في يده.

  والوعظ والزجر بمعنى، وأصل الوعظ التخويف، يقال: وعظت فلانًا موعظة وعظة، والوعظ بيان لسوء عاقبة الأمر.

  · الإعراب: (ما) في قوله: «وَمَا خَلْفَهَا» قيل: نصب بالعطف على قوله: «فَجَعَلْنَاهَا»، أي جعلناها وما خلفها، عن أبي مسلم، وقيل: هو عطف على قوله: «لِمَا بَينَ يَدَيْهَا».

  ويقال: الهاء في قوله: «فَجَعَلْنَاهَا» إلى ماذا ترجع؟

  قلنا: قيل: إلى العقوبة، تقديره: جعلنا تلك العقوبة وهو المسخ، عن ابن عباس واختيار أبي مسلم، وقيل: على القرية التي اعتدى أهلها، وقيل: يعود إلى القردة، وقيل: إلى الأمة التي اعتدوا في السبت، وهم أهل أَيْلَة، عن الأصم وأبي علي.

  · المعنى: «فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا» أي المسخة أو الأمة «نَكَالاً» قيل: عقوبة، وقيل: اشتهارًا وفضيحة، عن أبي علي «لِمَا بَينَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا» اختلفوا فيه فقيل: لما بين يديها لما خلا من الذنوب، عن الربيع «وَمَا خَلْفَهَا» عبرة لمن بقي من الناس بعدها، عن الفراء، وقيل: «لِمَا بَينَ يَدَيْهَا» لما خلا من الذنوب عن الربيع، «وَمَا خَلْفَهَا» من القرى، عن ابن عباس وأبي علي، وقيل: لما بين يديها من ذنوبها، وما خلفها من المعاصي الحيتان التي أصابوا، عن الحسن وقتادة، وقيل: لما بين يديها لما مضى من خطاياهم، وما خلفها خطاياهم التي أهلكوا بها، عن مجاهد، وقيل: ما عملوا قبل الحيتان وبعد الحيتان، عن ابن عباس وقيل: ما بين يديها من يشاهدها، وما خلفها: من يسمع بها، وقيل: فيه تقديم وتأخير، وتقديره: فجعلناها وما خلفها، أي تلك العقوبة وما خلفها: ما أعد اللَّه لهم من عذاب الآخرة نكالاً وعقوبة وزجرًا «لِمَا بَينَ