قوله تعالى: {قال أنظرني إلى يوم يبعثون 14 قال إنك من المنظرين 15 قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم 16 ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين 17}
  وروى [شقيق]: أنه قال: إن الشيطان قعد لي على أربعة مراصد، أما من بين يدي فيقول: لا تحزن إن اللَّه غفورٌ رحيمٌ، فأقول: ذلك لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى، وأما من خلفي فيخوفني السعة، فأقول: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} وأما من قبل يميني فيأتيني من قبل العاقبة فأقول: {وَالعَاقِبَةُ لِلمُقِينَ} وأما من شمالي فيأتيني من قبل الشهوات، فأقول: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ}.
  {وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} يعني أكثر بني آدم لا يشكرون. وقيل: شاكرون لنعمتك بل يكفرون. وقيل: لا تجد أكثرهم موحدين.
  ومتى قيل: منْ أين علم أنهم يطيعونه؟ وأن أكثرهم غير شاكرين؟
  قلنا: فيه أقوال:
  الأول: أنه قال ظنَا وتخمينًا كما قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} وذلك أنه ظن أنه لما أمكنه وسوسة آدم وحواء مع ضلالتهما ظن ذلك في ذريتهما أنفذ، عن الحسن وأبي مسلم.
  الثاني: قاله علمًا، وإنما علم ذلك من جهة الملائكة بإخبار اللَّه - تعالى - إياهم أن ولد آدم يفسدون ويسفكون الدماء، عن أبي علي.
  الثالث: عرف بطول العادة من نفسه وغيره من اتباع الشهوات، فظن أنهم يطيعونه.
  · الأحكام: تدل الآية أنه سأل الإنظار، وأن اللَّه - تعالى - أنظره، وقد بَيَّنَّا أن اللَّه - تعالى - لم ينظره إجابة لمسألته، وبينا ما قيل فيه، وأن بعضهم قال: لم ينظره على الوجه الذي سأل؟.