قوله تعالى: {فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين 22 قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين 23 قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين 24 قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون 25}
  الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ» أي: موضع استقرار، عن أبي العالية. وقيل: هو الاستقرار؛ لأن المصدر يجيء على زنة المفعول، كقوله: {وَنُدخِلْكُم مُّدْخَلًا} أي إدخالا، وقيل: منزلا تستقرون فيه «وَمَتَاعٌ» أي: زاد ومنافع يتمتعون بها «إِلَى حِينٍ» إلى وقت، قيل: إلى يوم القيامة، وقيل: إلى الموت، «قَالَ» اللَّه - تعالي - «فيهِ» أي: في الأرض «تَحْيَوْنَ» تعيشون «وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ» عند البعث، وأخبر بكونهم في الأرض ما داموا أحياء، فإذا ماتوا نقلوا إلى الأرض، ثم يبعثون، ثم ينقلون إما إلى الجنة، وإما النار. واختلفوا في الأنبياء الَّذِينَ هم في الجنة، فقيل: يحشرون عن السماوات كالملائكة، وهم مخصوصون من الآية، وقيل: بل يعاد نبتهم إلى الأرض، ثم يحشرون منها.
  · الأحكام: تدل الآية أنه لما بدت سوآتهما اجتهدا في سترها، فدل على أن ستر العورة كان من شريعة آدم، وقد استدل قوم بالآية على وجوب الستر، قال القاضي: وليس في الآية ما يدل على ما يوجب الوجوب؛ إذ ليس فيها بأكثر من أنهما فعلا ذلك.
  قال الأصم: وتدل على أن الستر من خُلق آدم وحواء، وأنهما كرها التعري، وإن لم يكن لهما ثالث، ففي ذلك دليل على قبح التعري إلا عند الحاجة.
  وتدل على أن نزع اللباس لم يكن عقوبة؛ إذ لو كان عقوبة لما فعل بآدم لأنه لم يستحق العقوبة، ويجوز أن يكون فعله اللَّه لمصلحة وهو الأقرب. وقيل: إنه كان علامة لوقت هبوطه إلى الأرض، وقد روي أن الناس يحشرون عراة، وليس ذلك بإهانة ولا عقوبة، على أنه لو كان ذمًا لكان إذا ظهر لغيرهما، فأما كشف العورة بين الزوجين فحلال طلق.