قوله تعالى: {فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين 22 قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين 23 قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين 24 قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون 25}
  السابق والأمر بالتجنب عن الشيطان، وقال: «أَلَمْ أَنْهَكُمَا» يا آدم وحوى «عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ» ظاهر «قَالَا» يعني آدم وحوى «رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا» بأكل ما نهيت، قيل: ظلمنا أنفسنا لنقصان ثوابنا، وقيل: بالنزول إلى الأرض، وكذا العيشة ومفارقة العيش الرغد، وقيل: المراد بظلم النفس ما أتاه من الصغيرة، وروي أن اللَّه - تعالى - قال: «يا آدم أما كان لك مندوحة بما أتحت لك عما حرمت عليك، فقال: بلى، يا رب، ولكن ما ظننت أحدًا من خلقك يحلف بك كاذبًا»، عن ابن عباس، فقال تعالى: لأهبطنك إلى الأرض، ولا تنال العيش إلا كَدًّا. «وَإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا» ما سلف منا «وَتَرْحَمْنَا» بقبول توبتنا «لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ» قيل: قال هذا انقطاعًا إلى اللَّه تعالى، واستغناء به، وقيل: تجنبًا من الأضرار، وقيل: ندمًا على ما سلف ليستدرك ما فاته من الثواب، فكل من كان أعرف بِاللَّهِ وأقرب منزلة منه فهو أخوف، وموقع الذنب من قلبه أعظم، ويقال: إن آدم # سعد بخمسة أشياء: اعترف بالذنب، وندم عليه، ولام نفسه، وسارع إلى التوبة، ولم يقنط من الرحمة. وشقى إبليس لعنه اللَّه بخمسة أشياء: لم يقر بالذنب، ولم يندم، ولم يَلُمْ نفسه، بل أضاف إلى ربه، فلم يتب، وقنط من الرحمة «قَالَ اهْبِطُوا» قيل: من السماء إلى الأرض، وقيل: معناه اذهبوا، عن أبي مسلم، واختلفوا لمن الخطاب، قيل: لآدم وحواء وإبليس، وجمع بينهم وإن كان إبليس أُخرج قبل ذلك؛ لأنه جمع في الأخبار بينهم وإن وقع متفرقًا، عن السدي والأصم وأبي علي. وقيل: آدم وحواء والحيَّة عن أبي صالح «منها» من السماء إلى الأرض «بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ» يعني آدم وذريته عدو إبليس وحزبه، وإبليس وحزبه عدو لآدم وذريته، قيل: إن آدم وذريته مؤمنون، وإبليس وحزبه كفار، فلهذا أظهرت بينهم العداوة، وقيل: لأنه بسببها أخْرج من الجنة وأضمر العداوة لهما، عن الأصم. وقيل: إنما كان عداوة آدم؛ لأن إبليس لم يسجد له، ورأى فضله عليه وتسبب إلى خروجه من الجنة، وكانت عداوة إبليس لأنه أمر بالسجود لآدم وفضل عليه، ولعن وطرد بسببه، وأخرج من الجنة «وَلَكُمْ فِي