التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين 67}

صفحة 422 - الجزء 1

  · اللغة: يقال: بقرة وثور، كما يقال: ناقة وجمل، وعَنَاقٌ وجَدْيٌ، وامرأة ورجل، فيكون تأنيثه من غير لفظه، وواحد البقر بَاقِرٌ، وبَيْقُورٌ، وبُقَيْز، وقرئ: «إِنَّ الباقر تَشَابه عَلَينا»، وأصل البَقْر الشَّقّ، بقرت بطنه أي شققته، وسمي البقر لأنه من شأنه شق الأرض بالكِرَاب.

  والهُزْءُ والسخرية بمعنى، والاستهزاء طلب الهزؤ.

  وعاذ به ولاذ ولجأ إليه واعتصم به نظائر، تقول: أعوذ بِاللَّهِ، أي ألجأ إليه، ومعاذ اللَّه، أي أعوذ بِاللَّهِ، وحقيقة العياذ: استدفاع ما يخاف من شره بما يطمع ذلك منه.

  والجهل نقيض العلم، وحقيقته: اعتقاد الشيء لا على ما هو به.

  · المعنى: المذكور في هذه الآية معطوف على ما تقدم من بيان نعمه عليهم، وكفرانهم بها، وعصيانهم، فقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}.

  ويقال: ما السبب في أمرهم بذبح البقرة؟

  قلنا: تنازعوا في قتيل وجد فيهم، وتدارؤوا فيه، فأمروا بذبح بقرة ليضربوه ببعضها، فيحيا، فيخبرهم مَنْ قَتَلَهُ، عن ابن عباس وجماعة من المفسرين، وقيل: كان بنو إسرائيل اثني عشر سبطًا ولهم مسجد لكل سبط منهم باب، فقتل قتيل، وألقي على باب، فنقل إلى باب آخر، فلما اشتبه القاتل أمروا بذبح البقرة، عن عكرمة، وقيل: كان ينقل القتيل من قرية إلى قرية، عن الكلبي.

  ويقال: ما كان سبب القتل؟

  قلنا: قيل: كان رجل موسر في بني إسرائيل، وله بنت، وله ابن أخ معسر فخطب ابنته، فأبى أن يزوجها منه، فقال: لأقتلن عمي، ولآخذن ماله، فانطلق به إلى سبط وقتله، ورجع وخرج يحثو التراب على رأسه، عن السدي. وقيل: كان رجل