التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون 26}

صفحة 2532 - الجزء 4

  أنزله ليس لأن هناك علوا وسفلا، ولكن تجري المخاطبة على وجه التعظيم كقولهم: رفعت حاجتي إلى فلان، ورفعت قضيتي، ورفعتك، عن أبي مسلم. وقيل: خلقنا لكم، وقيل: ألهمناكم كيفية صنعته «لِبَاسًا» وهو ما يلبس من الثياب وغيره «يوَارِي» يستر «سَوْآتِكُمْ» عوراتكم «وَرِيشًا» قيل: أثاثًا مما تحتاجون إليه، وقيل: ما فيه الجمال، عن ابن زيد. وقيل: لباسًا، عن أبي عمرو. وقيل: هو اللين من اللباس، عن أبي مسلم. وقيل: الثياب والنعيم، عن ابن عباس. وقيل: الخصب والمعاش، عن الأخفش. وقيل: ما يعيشبه، عن الزجاج. والريش: الخير، فكل ما قاله المفسرون وجد فيه إلا أن كل واحد خص بعضه بالذكر «وَلَبَاسُ التَّقْوَى» قيل: العمل الذي يقي العذاب، وفيه الجمال كجمال اللباس من الثياب، وقيل: العمل الصالح، عن ابن عباس، واختاره القاضي؛ لأنه خير، ويدخل فيه جميع أنواع الخير، وهو الوجه. وقيل: هو الإيمان، عن قتادة والسدي وابن جريج. وقيل: هو الحياء الذي يلبسكم التقوى، عن الحسن. وقيل: هو ثياب النسك، والتواضع إذا اقتصر عليه كلباس الصوف والخشن من الثياب، عن أبي علي. وقيل: هو لباس الحرب الدرع ونحوه، عن زيد بن علي # وأبي مسلم. وقيل: هو ستر العورة، عن ابن زيد. وقيل: هو خشية اللَّه، عن عروة بن الزبير. وقيل: هو الثياب التي يلبسها الإنسان عند إقامة الصلاة فإنها أول أحوال المتقي، عن أبي مسلم. وقيل: لباس التقوى: العلم والأدلة التي بها تصح التقوى من عذاب اللَّه؛ ولذلك قال: هو خير، عن الأصم. يقال: فلان لباسه الخير، وقيل: هو الذي يشبه اللباس، وإذا كان الجميع. رادًّا كان الجميع محتملاً، وقاله جماعة من أهل العلم، وما دام، لا مانع من حمله على الجميع وجب أن يحمل على الجميع «ذَلِكَ خَيرٌ» يعني لباس التقوى خير من اللباس المنزل الذي يلبس «ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ» قيل: ما تقدم من النعمة حجة ودليل على