قوله تعالى: {يابني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون 35 والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 36}
  حججي وبيناتي، وقيل: القرآن «فمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ» قيل: اتقى المعاصي واجتنبها، وأصلح عمله، والمتقي اسم جامع لذلك، وهو اسم مدح لا يطلق إلا على المؤمن المستحق للثواب؛ ولذلك أطلق، وقيل: اتقى ما يحبط أعماله الصالحة، وقيل: اتقى اللَّه وعذابه فصدق رسله، عن الأصم. «فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ» في الآخرة «وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» والحزن: الغم «وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا» حججنا «وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا» قيل: تكبروا عن قبول الحق، وقيل: تكبروا عن الإيمان بمحمد والقرآن «أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ» أي: ملازمون لها «هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» أي: دائمون.
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب اتباع الرسل، وقبول ما يؤدون.
  وتدل على أن الصلاح في الرسل أن يكون من جملة من بعث إليهم؛ لأنهم يكونون بطريقته أعرف، وعن النفار عنه أبعد، وإلى السكون إليه أقرب.
  وتدل على أن الغرض بالرسول ما يؤدي من الأدلة؛ فلذلك قلنا: لا يجوز أن يكون رسولاً إلا ومعه ما يؤديه.
  وتدل على أن الجنة تنال بشيئين: بالأعمال الصالحة، واتقاء المعاصي، فبطل قول المرجئة.
  وتدل على أن المؤمن في الآخرة لا يخاف ولا يحزن، خلاف ما تقوله الإخشيدية والحشوية، هكذا قاله أكثر أصحابنا.
  وقال أبو بكر أحمد بن علي: قوله: «لا خوف عليهم» كقول الطبيب للمريض: لا بأس عليك، يعني أن أمره يؤول إلى العافية، وليس هذا بالوجه؛ لأنه نفى الخوف والحزن مطلقًا.