التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون 38 وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون 39}

صفحة 2557 - الجزء 4

  · اللغة: الأمة: الجماعة، وأصله القصد من أم يؤم، فكأنهم يكونون على قصد واحد.

  والخِلْو: انتفاء الشيء عن مكانه، يقال: خلا عن البيت، وقيل: ليس في العام خلاء بل كلها ملاء، عن أبي القاسم. وقيل: فيها خلاء وملاء، عن أبي علي وأبي هاشم. وتداركوا من أدركه: إذا لحقه، يقال: أدرك قتادة الحسن، وأدرك الغلامُ: إذا لحق وقت الحلم، وأدركت التمر: لحق وقت نضجه، وأدرك الزرع: لحق وقت حصاده.

  والضِّعْف: المِثْلُ الزائد على مثله، يقال: أضعف هذا الدرهم أي: اجعل معه آخر، ومنه: المضاعف، والضِّعفان: ما كانا مثلين، والمضاعف: ما كان أكثر من ذلك.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - ما يجري بين الملائكة وبينهم يوم القيامة، فقال سبحانه: «قَالَ ادْخُلُوا» قيل: الملائكة تقول لهم؛ لأنه جرى ذكرهم، وقيل: اللَّه - تعالى - يقول لهم عن أبي علي وأبي مسلم. «ادْخُلوا» يعني: لما استوفيتم ما كتب لكم من الأعمار والأرزاق ولم تفعلوا ما دعيتم إليه وأنتم مختارون فادخلوا الآن «فِي أُمَمٍ» من جملة أقوام وجماعات «قَدْ خَلَتْ» مضت «مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ» كفار «الْجِنِّ وَالإِنسِ» في الأمم الماضية «فِي النَّارِ» أي: سبقوكم إلى النار «كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ» جماعة «لَعَنَتْ أُخْتَهَا» في الدين والملة، وإنما قال «أختها» ولم يقل: أخاها؛ لأنه عنى به الأمة والجماعة، قيل: المشرك يلعن المشرك، واليهودي يلعن اليهودي، والنصارى تلعن النصارى، وكذلك المجوس والصابئون، عن أبي مسلم. قال: إذا حصلوا في النار وعاينوا العذاب بعدما كانوا يتوددون في الدنيا، ويتحابون لعن الأتباع القادة والرؤساء يقولون: أنتم