التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون 68}

صفحة 425 - الجزء 1

  والبكر من كل أمر أوله، والبكر أول ولد الرجل، وبقرة بكر فتية لم تحمل، والبكر من النساء التي لم تلد ولم تحمل، والبُكْرَةُ: الغداة، وهو أول النهار.

  والعَوان: الوسط، جمعه عُون، وقيل: العوان التي نتجت مرارًا، عن الأخفش، وقيل: التي ولدت مرة واحدة، عن أبي علي، قال: ومنه قيل للحرب: عوان إذا لم تكن أول حرب بين القوم، وكانوا تحاربوا قبله.

  · الإعراب: يقال: بم ارتفع «لاَ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَان»؟

  قلنا: قال الأخفش: لأنه صفة للبقرة، وقال الزجاج: ارتفع بإضمار هي، أي هي لا فارض ولا بكر.

  ويقال: لم جاز «بَينَ ذَلِكَ»، و «بين» لا تصلح إلا لاثنين؟

  قلنا: لأن «ذلك» - وإن كان لفظه لفظًا واحدًا - يصلح أن يقع على الاثنين.

  · المعنى: لما علموا أن ذبح البقرة فرض من اللَّه وعزيمة، سألوا عنها، فبدؤوا بسنها، فلما بين سألوا عن لونها، فلما بين سألوا عن صفتها، فلما بين لم يجدوا للتعنت والسؤال موضعًا، ولو وجدوا للسؤال موضعًا لسألوا، عن أبي مسلم، فقال تعالى: «قَالُوا» يعني بني إسرائيل لموسى «ادع لَنَا رَبَّكَ» أي سل من أجلنا ربك «يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ» يعني ما البقرة التي أمرنا بذبحها «قَالَ» موسى: «إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ» قيل: ليست بكبيرة هرمة، عن ابن عباس والحسن، وقيل: لا فارض أي لم تلد بطونًا كثيرة فيتسع جوفها؛ لأن معنى الفارض في اللغة هو الواسع، عن أبي علي، ولم يوافقه على ذلك أحد من أهل اللغة والتفسير «وَلاَ بِكْرٌ» يعني ليست بفتية لم تلد ولم تحمل قط «عَوَان» قيل: وسط بين الصغيرة والكبيرة، وهي أقوى ما يكون، وأحسن من البقر والدواب، عن ابن عباس، وقيل: وسط ولدت بطنًا أو بطنين، عن مجاهد، وقيل: وسط من سعة الجوف وضيقه، ذكره القاضي، وقال أبو علي: العوان يحتمل وجهين:

  أحدهما: أنها بين التي ولدت بطونًا كثيرة، وبين التي لم تلد، أي أنها قد ولدت مرة واحدة.