قوله تعالى: {قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون 68}
  والثاني: أنها وسط بين الصغيرة والكبيرة، ولا يذهب به إلى معنى الولادة «فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ»، أي اذبحوا ما أمرتم ولا تراجعوا.
  · الأحكام: الآية تدل على جواز تعليق التكليف بغالب الظن؛ لأن (بَيْنَ ذَلِكَ) ينقسم وبختلف، ووكل ذلك إلى رأيهم.
  وتدل على جواز النسخ؛ لأن تكليف الثاني نسخ للأول على ما بيناه.
  ويدل على جواز النسخ قبل الفعل، وإنما لا يجوز قبل وقت الفعل؛ لأنه يدل على البداء، فأما إذا فات وقته جاز نسخه؛ لأن المصلحة قد تتغير.
  وتدل على حسن التكليف ثانيًا لمن عصى، ولم يفعل ما كلف أولاً.
  وتدل على أن زيادة الوصف وزيادة الشرط نقصان من الموصوف والمشروط.
  وتدل على أن عند ترك الامتثال في أمر سَهْلٍ قد يكون الصلاح إيجاب أمر شاق.
  وتدل على حسن التكليف وإن لم يعرف تفصيل المصلحة إذا عرف أن المصلحة على الجملة.
  ويقال: هل كان المأمور ثانيًا هو المأمور أولاً أم غيره؟
  قلنا: اختلفوا فيه، فقال بعضهم: الثاني والثالث بيان الأول، وليس بنسخ، وهو اختيار أبي مسلم وجماعة من المفسرين، وقال بعضهم: الثاني نسخ الأول، والثالث نسخ الثاني، وهذا إنما يصح إذا فات وقت الفعل، وقال بعضهم: إن ذلك تكليف بعد تكليف، وذلك أنهم أمروا بشرط الأخذ بظاهر الأمر، وذبح بقرة ما شاؤوا، فلما لم يأخذوا بذلك كان من الأصلح أن يشدد عليهم عند تراجعهم؛ ولذلك قال ÷: «لو اعترضوا بقرة لأَجْزَأَتْ عنهم، ولكنهم شددوا فشدد اللَّه عليهم» فكانوا مأمورين