قوله تعالى: {ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين 50 الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون 51}
  والدين: الجزاء، والدين: العادة، والدَّين: ما يدان به.
  اللَّهو: أصله الانصراف عن الشيء، يقال: لها عنه، ومنه: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} ولهوت من اللَّهو، ولهيت عنه إذا اشتغلت عنه، فأما اللعب فأصله اللعاب، وهو المرور على غير استواء، فكأنه طلب الفرح بما لا يحسن كالصبي، والتِّلْعَابُ الكثير اللعب، وفي كلام أمير المؤمنين: يزعم ابن النابغة أن فيّ دعابة، وأني امرؤ تلعابة، يعني عمرو بن العاص، والغرور بين الباطل للوقوع، فيه غره يغره غرورا. والجحد: إنكار معنى الخبر.
  · الإعراب: يقال: ما موضع (ما) في قوله: (بما نسوا) و (بما كانوا)؟
  قلنا: موضع المصدر، وتقديره: بنسيانهم وجحدهم، عن أبي مسلم.
  · المعنى: ثم ذكر - تعالى - خطاب أهل النار لأهل الجنة، وما أظهروا من الافتقار بعد ما كانوا فيه من التكبر، فقال سبحانه وتعالى: «وَنَادَى» أي: سينادي، والوجه فيه ما ذكرنا «أَصْحَابُ النَّارِ» والفرق بين أهل النار وأصحاب النار أن قوله: «أَصْحَابُ النَّارِ» ينبئ عن الملازمة، وأهل النار ينبئ عن المناسبة، وكلا اللفظين ينبئ عن الخلود، «أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا» أي صبوا، وذكروا لفظة الإفاضة؛ لأن أهل الجنة أعلى مكانًا «مِنَ الماءِ» هم يحتاجون إلى كل شيء غير أنهم سألوا الأهم، ولا شيء أهم وأحوج إليه من الماء لإطفاء حرارتهم «أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ» أعطاكم اللَّه، قيل: من الطعام، عن السدي وابن زيد. وقيل: طلبوا شيئًا من نعيم الجنة، عن أبي علي. «قَالُوا» يعني أهل الجنة جوابًا لهم بما يوهم «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا» تحريم منع لا تحريم تعبد كأنه قال: إن اللَّه منعهما من الكافرين.