التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين 50 الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون 51}

صفحة 2580 - الجزء 4

  ثم وصف الكافرين، فقال سبحانه: «الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا» واختلفوا كلام من هذا؟ قيل: هو كلام أهل الجنة حكاه اللَّه تعالى. وقيل: إنه من كلام اللَّه - تعالى - لهم على غير وجه الحكاية، وتم كلامهم عند قوله: «حَرَّمَهُمَا عَلَى الكافرين»، وقيل: إلى قوله: «الحيَاةُ الدُّنْيَا» من كلام أهل الجنة، وتم الحكاية عنهم، ثم استأنف - تعالى - الكلام، وقال: «فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ» فبين ما يقابلهم به، وهو كلامه - تعالى، عن أبي مسلم.

  واختلفوا في معنى قوله: «دينهم» قيل: ما أَتَوْا به مما زين لهم الشيطان، وقيل: دينهم الذي أُمِرُوا أن يدينوا به، وقيل: الدين الجزاء، فهم اتخذوا ذلك لعبًا حيث أنكروه، وقيل: دينهم عيدهم، عن أبي روق.

  «لَهْوًا وَلَعِبًا» قيل: لم يرعوا حق الدين لفسقهم وتهتكهم، وقيل: اللَّهو أنهم لا يصدقون بكتاب اللَّه ورسوله، واللعب كل أمر باطل، عن الأصم. وقيل: سخروا بالدين لعبًا ولهوًا.

  ومتى قيل: من اعتقد دينًا كيف يأخذه لعبًا؟

  قلنا: إذا اعتقده بهواه فهو كاللاعب.

  وقيل: كانوا يلعبون بالحق؛ لأنهم لا يصدقونه وسخروا من المسلمين لما هم عليه من الجهل وإنكار الدين «وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا» لأنهم اغتروا بالحياة الدنيا عن الآخرة، فكأن الدنيا غرتهم، عن أبي علي. «فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ» قيل: نتركهم في النار آيسين من الرحمة، عن ابن عباس والحسن ومجاهد والسدي. وقيل: نعاملهم معاملة المنسي في النار؛ لأنه لا يجاب لهم دعوة ولا يرحم لهم عبرة، عن أبي علي. وقيل: