التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين 54}

صفحة 2587 - الجزء 4

  الثالث: ثم صح الوصف بأنه مستولٍ على العرش؛ لأنه لم يكنْ عرشًا، قبل: وجوده، فـ «ثم» لصحة الوصف.

  الرابع: ثم قصد لخلق العرش فثم للخلق، دل بهذا أن خلق العرش بعد خلق السماء والأرض، عن القاضي.

  الخامس: أنه عطف خبر على خبر، كقول الشاعر:

  [قُلْ لِمَن] سادَ ثمَّ سادَ أبوهُ ... ثم قد سادَ قبلَ ذلك جدُّهْ

  السادس: قال الأصم: فيه تقديم وتأخير، إن ربكم الذي استوى على العرش، ثم خلق السماوات والأرض في ستة أيام.

  · النظم: يقال: بِمَ تتصل الآية بما قبلها؟

  قلنا: قيل: لما تقدم ذكر الكفار وعبادتِهِم غَيْرَ اللَّه احتج عليهم مبينًا بأفعاله أنه لا معبود سواه، عن الأصم وأبي مسلم.

  وقيل: يتصل بقوله: «أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا»، ثم اعترض الوعد والوعيد، ثم عاد وبَيَّنَ أن الذي لا تبطل عبادته هو خالق السماوات، ذكره الشيخ أبو حامد قال الأصم: وتقدير الآية: إن ذلكم اللَّه الذي له الخلق والأمر استوى على العرش، ثم خلق الشمس والقمر إلى آخره.

  · المعنى: «إِنَّ رَبَّكُمُ» سيدكم ومالككم، ومدبركم الذي يجب أن تعبدوه أيها الناس «الَّذي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ» أي: أنشأ أعيانها وإبدعها لا من شيء، ثم أمسكها بلا عمد، وبلا علاقة، ثم زينها بالنجوم الزاهرة، والأفلاك الدائرة «وَالأرضَ» أي: أنشأ الأرض،