قوله تعالى: {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين 54}
  عَلَى عُرُوشِهَا} ومنه الحديث: «أو كالقنديل المعلق بالعرش»، والعرش: البناء، ومنه: {وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} أي: يبنون، ومنه: عريش الكَرِمْ، ومنه: {وَكانَ عَرْشُهُ على الماءِ} قال أبو مسلم: يعني بنى السماوات والأرض على الماء، وذلك أبلغ في القدرة وأعجب، ويقال: عرش يَعْرِشُ، ويَعْرُش بكسر الراء وضمها، ومنه: العريش ما يستظل به، قيل لرسول اللَّه ÷: ألا نبني لك عريشًا؟
  والإغشاء: لباس الشيء بما يستره، ومنه: غاشية السرج، ومنه غشي على الرجل: إذا غشيه ما يزيل عقله من عارض علة، والليل يستر النهار بظلامه، فيقال يغشاه.
  والحثيث: السير السريع بالسوق، يقال: حثه يحثه، وأصل البركة: النبات، وتبارك «تفاعل» من البركة. والتسخير: التذليل، ومنه: {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ}. أي: ذللهما، وكل مقهور لا يملك لنفسه ما يحمله من القهر مُسَخَّرٌ، وقوله: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا} فما دار من الغير فهو بالكسر، وما كان من جهة التسخير فهو بالضم.
  · الإعراب: (السماوات) جمع بالواو لأن أصلها الواو، ومنه: يقال - [سماوه]، ثم أبدل الواو همزة، فصار سماء، وعليه القراءة.
  ويقال: إذا كان (ثُمَّ) للعطف والتعقيب، فما معنى «ثُمَّ» [في] قوله: «ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ»؟
  قلنا: فيه أقوال:
  الأول: ثم رفع العرش، وهو مُسْتَوْلٍ عليه، و (ثُمَّ) للرفع، عن أبي علي.
  الثاني: ثم بين أنه مستولٍ على العرش، فـ «ثم» للبيان.