قوله تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين 55 ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين 56}
  الأول: قال الفراء وأبو عمرو: إذا [ذهب به مذهب المكان] لم يؤنث ولم يُثَنَّ ولم يجمع، وإذا ذهب به مذهب السبب أُنِّثَ وثُنِّي وجمع، يقال: قريب وقريبة وقريبان، قال عروة:
  عَشِيَّةَ لا عَفْرَاءُ مِنْكَ قَرِيبَةٌ ... فَتَدْنُو ولا عَفْرَاءُ مِنْكَ بَعِيدُ
  الثاني: قال الزجاج: هذا غلط، كل ما قرب في مكان أو نسب فهو جائز عليه التأنيث والتذكير، وكذلك قال الخليل وأبو عبيدة، وأنشد:
  كَفَى حَزَنًا أَنِّي مُقِيمٌ بِبَلْدَةٍ ... أَخِلَّائي عنها نازحون بعيدُ
  وجعله الأخفش من باب الصيحة والصياح؛ لأن الرحمة من اللَّه، والإنعام واحد، ومثل ذلك قول الشاعر:
  يَا أَيُّهَا الرَّاكِبُ المُزْجِي مَطِيَّته ... سَائِلْ بَني أَسَدٍ ما هذِهِ الصَّوتُ
  أي: الصيحة، فذكر المؤنث، وأراد المذكر؛ لأنه في معناه، ويؤنث به المذكر، ويراد به المؤنث لأنه في معناه.
  وقيل: الرحمة مصدر، فَتُذَكَّر، كقوله: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ} عن النضر بن شميل، وأنشد:
  إِنَّ السَّمَاحَة والمَرُوءَةَ ضُمِّنَا ... قَبْرًا بِمَرْوٍ عَلَى الطَّرِيقِ الوَاضِحِ
  ولم يقل: ضمتا لأنهما مصدران.