قوله تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين 55 ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين 56}
  وقيل: مكان الرحمة قريب، عن الكسائي كقوله: {لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَريبًا} أي: أسبابها.
  وقيل: تقديره: رحمةُ اللَّه شيءٌ قريبٌ.
  وقيل: قريب في معنى: ذات قرب كما يقال: تارس ورامح، وامرأة طالق وحامل، أي ذات ترس ورمح وطلاق وحمل، فأما إذا أنثته يذكر ويؤنث، يقال: قرب فهو قريب، وقربت فهي قريبة، وبعد فهو بعيد، وبعدت فهي بعيدة.
  · المعنى: ثم ذكر بعد دلائل التوحيد بدعائه على وجه الخشوع، قال القاضي: لما بيّن ما خلق عطف عليه بذكر التعبد، فقال سبحانه: «ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا» تخشعًا وتذللاً لله في الدعاء «وَخُفْيَةً» قيل: سرًّا عن الحسن، وقال أبو علي: لئلا يشوب الدعاء معنى الرياء، وقيل: معناه اعبدوا اللَّه على وجه الخشوع والإخلاص، عن الأصم. وقيل: أراد فعل الفرض ظاهرًا وفعل النفل سرًّا، وقيل: التضرع رفع الصوت، والإخفاء السر، يعني ادعوه سرًّا وعلانية، عن أبي مسلم. «إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» قيل: لا ينالون منازل الأنبياء فيجاوزون الحد في الدعاء، عن أبي مجلز. وقيل: هو الصياح في الدعاء، عن ابن جريج. وقيل: هو الدعاء على المؤمنين بأن يقول: اخزهم والْعَنهم، وقيل: لا يحب تجاوز الحد المرسوم لهم في جميع العبادات والطاعات والدعوات «وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا» قيل: إفساد الأرض بقتل المؤمنين والاعتداء عليهم، عن الحسن. وقيل: إفسادها أن يعبد غير اللَّه، ويحكم بغير حكمه فيؤدي إلى إهلاك بعضهم بعضًا، عن الأصم. وقيل: إفساد الأرض بالعمل بمعاصي الله، وإصلاحها بطاعة اللَّه، وقيل: لا تفسدوها بعد إصلاح اللَّه إياها بأن خلقها [على] أحسن نظام، وبعث الرسل، وبَيَّنَ الطريق، وأبطل الكفر، عن أبي مسلم.